جرِّب أن تدخل «أحد المحلات التجارية», وتفتح «قارورة ماء» صغيرة، لا تتجاوز قيمتها «نصف ريال» وغادر دون أن تدفع الحساب!!
ماذا سيحدث؟!
بكل تأكيد ستدخل في مشاكل مع «الكاشير» لأنك لم تدفع «قيمة» ما أخذته رغم أن التكلفة «نصف ريال» فقط!!.
إذاً لماذا ندفع قيمة مشتريات «لا نحتاجها» نتيجة «التسوق السلبي» الذي يعاني منه «معظمنا»؟!، خصوصاً من يمنعه «برستيجه» من الاكتفاء بحاجياته الضرورية و»البسيطة» عند التسوق، فهو يرى في ذلك عيباً، مما يضطره لشراء «مستلزمات قد لا يحتاجها», و»بعزقة «المال يمنة ويسرة من مبدأ «اصرف ما في الجيب, يأتيك ما في الغيب».
الأربعاء الماضي اصطحب «أبوحسين» كلبه «بو» في رحلة تسوق إلى «ثلاثة متاجر بشمال فرجينيا» واشترى منها الحليب والحلوى «لبو», و»3 أقراص بيتزا» للغداء، بالإضافة إلى «بطاقات تهنئة»، المهم في الموضوع أن فاتورة «الرئيس الأمريكي» لم تتجاوز الـ «200 دولار» فقط، وهو أمر يعكس «مدى الوعي» في ضبط المصروفات، رغم أن صوره في المتجر تصدرت معظم «صحف العالم» خلال اليومين الماضيين.
«الأسبوع الماضي» تحدثت مع الرئيس التنفيذي «للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية» حول «خطط الائتمان والقروض» عند السعوديين خلال عام «2012م»، فقال إننا في حاجة إلى تبني إحدى «مؤسسات المجتمع المدني» لدينا، مبادرة «لتثقيف الناس» بكيفية التعامل الصحيح مع «مدخولاتهم ومصروفاتهم» الشهرية، بدلاً من «التخبط العشوائي» الذي قاد البعض إلى «التعثر في السداد» رغماً عنها، نتيجة أنه غير قادر على إدارة مصروفاته بشكل جيد.
الكثير لا يعلم بأننا «في السعودية» نعتبر من «أكثر الدول» بُعداً عن «الادخار الفردي» وهي ثقافة «شبه معدومة» عند الأفراد للأسف الشديد, وهو ما يجعل مستوى المواطن المالي «يتأثر» بعد «التقاعد»، لأنه ببساطة لم يحسب لهذا اليوم حسابه الصحيح، فهو يصرف ويتسوق ويشتري «طالما أن المال متوفر وموجود»، بينما في الدول الأخرى «هناك سياسة الادخار الفردي» قبل التقاعد بنحو «20عاماً» على الأقل، لتكون «ضمانة» لعدم تأثر «دخل الفرد» بعد التقاعد، واستمرار مستواه المعيشي، بعد توقف الدخل الشهري الثابت.
يبدو أننا في حاجة «إلى خطط عاجلة» لإدارة «مصروفاتنا الفردية», وتغيير سلوك التسوق الاستهلاكي الخاطئ لدينا، و»نشر ثقافة الادخار الفردي» خصوصاً بين «الشباب وصغار السن» حتى تكون لهم عوناً في رسم مستقبل مشرق, ووعي كامل بمسؤولياتهم المالية.
ومن الغريب «صمت البنوك» و»المؤسسات المالية» وتجاهلها وتكاسلها عن القيام بدورها في نشر «ثقافة الادخار» والترويج له بشكل أكبر, بينما في المقابل «تتفنن» في الترويج «لثقافة القروض» بصيغ ومنتجات متنوعة.
وهي الثقافة التي جعلتنا «نأكل» في مطاعم «الخمسة نجوم» أول الشهر، بينما نبحث عن «الزبادي والخبز» في آخره.!!.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net