مدِّي يديكِ إلى العلوم وثابري
وعلى الأصالةِ والمروءةِ صابريِ
هذا طريقُ العلمِ مفتوحٌ على
مصراعه فخُذي الطريق وسافري
نِبْراسُكِ القرآنُ ينكشف الدُّجى
عن آيهِ، ويُنيرُ دَرْبَ السائرِ
سَبقتكِ عالمةُ النِّساءِ بعلمها
وبُحسنِ منطقِها الكريم الطّاهرِ
في علمِ عائشة الغزيرِ وفِقْهها
مَثَلٌ نقدِّمه لِذاتِ ضفائر
رَوَتِ الحديثَ وصحَّحتْ إسنادَه
ولكمَ روتْ للنَّاسِ حكمةَ شاعرِ
ما صدَّها شَرَفُ الحجابِ وعِزُّه
عن سَرْد موعظةٍ وقولٍ نَادِر
أُختاهُ، بابُ العلم لم يُغلقْ على
ما فيه من دُرَرٍ وعِلْمٍ زاخِرِ
يا بِنْتَ أَرْضِ المسجدين، أَرى هنا
ثوباً على ذاتِ القَوام الآسِرِ
ثوباً يُغطِّي كعبةَ اللهِ التي
شَمَخَتْ على ماضي البيوتِ وحاضِرِ
فَخُذِيه رمزاً للعفافِ وللتُّقى
وخذيه رمزاً للجمالِ الباهر
كوني الصديقةَ للكتابِ وما حَوى
مِن حُسْنِ أفكارٍ وطيبِ مآثرِ
وخذي مع القَلَمِ المُبَاركِ جَوْلةً
ما بين أَوراقٍ وبينَ دفاتِرِ
صوغي حروفاً يستضيء بنورها
جيلٌ يَبُثُّ الخيرَ كابن الثَّامِرِ
وهناكَ في واحاتِ بيتكِ، أَشرقي
حُبَّاً، وفيضِي بالحنان الغامِرِ
فالبَيْتُ مملكةٌ، تُدار بحكمةٍ
وحَنَانِ راعيةٍ، وجُهْدِ مُثَابِرِ
يَنْسَابُ فيه العيشُ كالنَّهْرِ الذي
يَنْسَابُ في المَجْرَى انسيابَ الخاطِرِ
ما أنتِ إلاّ الرُّوحُ في جَنَباتِه
ينمو على كفَّيْكِ رِيْشُ الطائرِ
هذي رياضُ العلم يُهْتف خِصْبُها
فيها رِضا عِلْمٍ ومُتْعةُ ناظِرِ
سيري إليها حُرَّةً محفوفةً
برعايةِ المولى الكريم القادِر
يا بِنْتَ أرض المسجدينِ أَراكِ في
شَرَفٍ، فطيري في مَدَاه وفاخِري
ما أنتِ إلا زهرةٌ ميمونةٌ
في ظلِّ بُستانِ العفافِ الناضِرِ
أُمَّاه أو أختاه أو بِنتاه يا
إِشراقةَ الماضي وَزَهوَ الحاضِرِ
هذي خديجةُ، كان يَخجلُ ما لهُا
منها، ويرمُقُها بعيْنَي صَاغِرِ
بذلتْه في ذاتِ الإلهِ فأصبحَتْ
في بيتِها القصبيِّ، بَيْتٍ فاخِرِ
وهناك فاطمةُ الكريمةُ لم تزَلْ
رمزاً لإيمانٍ وعزْمٍ نادرِ
لم تملِك المالَ الوَفير وإنَّما
خرجتْ من الدنيا بأجرٍ وافرِ
وهناكَ، مَنْ؟ ذاتُ النِّطاقينِ التي
قَسَمَتْ نِطَاقها لِنَصْرِ مُهاجِرِ
مَنْ ذا أعُدَّ من الفَواضِلِ، إنَّه
تاريخُكِ الأَسمَى العظيمُ، فبَادِري
يا بِنْتَ أرضِ المسجدين، تكاثَرَتْ
في الذِّهْن أَسْئِلةُ التَّقيِّ الذَّاكرِ
هذا (الرَّبيعُ) كما يُسمَّى، لم يَزَلْ
متدفِّقاً بنسيم رَوْضٍ عاطِرِ
ما زال يكشف عن لآلئِ فِطْرَةٍ
للناس، تُرْجعُهم لدينِ الفَاطِرِ
الناسُ عادوا من صَحَارى وَهْمِهم
مستنكريَن تآمُرَ المتآمِرِ
متطلِّعينَ إلى نظام شريعةٍ
غرَّاءَ تحكُمهم بعدلٍ ظاهِرِ
هم عائدونَ إلى الشريعةِ بعدما
تاهوا وعاشوا في ظلام غامرِ
يا بنت أرضِ المسجدينِ، قصائدي
مسكونةٌ بمبادئ ومشاعري
قولي - كقولي - للذين تنكَّروا
للحقِّ وانساقوا انْسياقَ الحائرِ
في ديننا النَّبْعُ النَّقي، أنستقي
من بِئرِ يُوْحَنَّا وبِئْرِ السَّامِريْ؟!!