- بمناسبة انعقاد مؤتمر المثقفين السعوديين الثاني كتب الزميل الدكتور محمد العوين مقالة هامة في جريدتنا الغراء هذه يتحدث فيها عن (أزمة عمل ثقافي مزمنة) وعن معاناة المثقف السعودي وما يلاقيه - حسب العوين - من إهمال وتهميش وظيفي وعدم استقطاب، ثم تحدث في أسى ظاهر بأن الكثير من المثقفين يعاني من الفقر والعوز، والأخيرة - أي العوز- أقرب كثيراً للواقع من الفقر في وطن - كما يقول العوين - وعبر قيادته الخيّرة يُعطي ويمنح ويسخو للكل ولم يصل عطاؤه بعد إلى كثير من المثقفين والكتَّاب والأدباء. ثم يتساءل صديقنا الدكتور بالقول: من يصدّق أن الأديب الفلاني أو الكاتب الفلاني يطلب (سلفة) من هذا أو ذاك لأن راتبه (الوظيفي) بالكاد يسدّد قروض دين لبناء منزل أو سيارة، بينما تُقام في مستودعات المطابع له عشرات الكتب والأبحاث أو الروايات والقصص التي أنفق فيها عمره ولم تشفع له بحياة كريمة. ثم يضيف العوين من (يصدّق أن فلاناً الأديب إذا احتاج إلى علاج تضيق به الدروب لأنه لا يجد المستشفى الذي يستقبله على كثرة ما تتناثر المشافي في بلادنا بأجر أو بغير أجر)؛ أي أن صاحبنا يريد أن يقول إن الأديب (لا تأمين صحياً له) إن لم يكن يعمل في السلك الحكومي أو موظفاً متفرّغاً في مؤسسة أهلية! وغالباً ما يكون الأديب خارج هاتين الجهتين لأنه قد نذر نفسه للإبداع والحرية والمزاج الكتابي، ثم يتساءل أيضاً: لماذا يعرض الأديب بضاعته الإبداعية ولا يجد مشترياً على الرغم من أن ثمة قرارات سابقة تُلزم كل دائرة بشراء مائة نسخة من المؤلّف السعودي ولكن هذه القرارات توقفت ولم يعمل بها إلا لفترة وجيزة، وهنا يطرح العوين تساؤلاً مهماً حول مساعدة الأديب ليعتاش من نتاجه سواء كانت هذه المساعدة عبر وزارة الثقافة أو رابطة أو مهرجان أو تبادل ثقافي بين المملكة وغيرها من الدول؟ ثم يتساءل بمرارة أكثر حدة أين صندوق الأديب؟!
* * *
وينتهي الدكتور محمد العوين إلى نتيجة أوصلت المثقف أو الأديب إلى هذه الحال (ألا وهي فقدان المؤسسة الثقافية القادرة على التصوّر والتنفيذ)، ثم يدعو أخيراً إلى (تكوين خطة إعلامية واعية لنشر وتسويق وترويج الثقافة الإبداعية السعودية وصياغة ملمح مميّز للفكر السعودي المتحضّر المؤسس على التراث الإسلامي والعربي والمنطلق بانفتاح ووعي على الثقافة العالمية). وهذا حسب العوين لا يتأتى إلا بقيام وزارة ثقافة تقوم بهذا العبء.
ومع أنني مع الصديق العوين في (أغلب ) ما ذهب إليه إلا أنني أتعشم من وزيرنا الحالي الدكتور عبد العزيز خوجة أن يوجّه بذلك بعد مؤتمر المثقفين الثاني.