بعد مضي اثنين وثلاثين عامًا هو عمر مجلس التعاون الخليجي، اليوم يتحول لنقلة نوعية جديدة بخطوة جريئة وصائبة، من مكانة مهمة لأهم، نحو تلاحم خليجي بصيغة {اتحاد}، فكانت دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتحويل مجلس التعاون الخليجي لاتحاد، وتبني دولنا الخليجية للمقترح العظيم بكل قبول ورضا. فتوج دخول المقترح حيز عمل اللجان للإسراع في تنفيذ كامل بنوده التي سترى النور قريبا بصيغة اتحادية تضم دول الخليج الست، التي كانت تشوبها الرغبات الحميمة الصادقة لتحويل الحلم لواقع ملموس لهذا المنجز الكبير، وهاهو الحلم يتحقق بدعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لدرء المخاطر التي تمر بها منطقة الخليج إقليميا ودوليا، لاسيما وقد مر خليجنا بمؤامرات مدمرة لولا تلاشيها بحكمة حكماء زعماء الدول الخليجية بدءا من الحرب الإيرانية العراقية لغزو العراق للكويت إلى أحداث البحرين والكويت الأخيرة.
دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وموافقة أشقائه زعماء الدول الخليجية يعتبر بمثابة الرقي من مستوى التعاون للاتحاد دعوة ملكية أبوية صادقة وأمينة، وقراءة تاريخية للأحداث التي تمر بها المنطقة، ومواجهتها برؤية واضحة وبصيرة نافذة وبحزم لا يقبل المساس بأمن الخليج وسيادة أوطانه، فقد فاقت هذه الدعوة والعمل بموجبها كل المقاييس وتجلت في فضاءات خليجية وعربية أذهلت وسائل الإعلام العربية والدولية المرئية والمقروءة، فكانت مادة إعلامية لقراءة هذا الحدث الكبير، ناهيك عن استبشار أهل الخليج واعتبار ذلك طلائع خير وبركة نحو الاندماج الكلي في بوتقة اجتماعية خليجية ذات أطر وقوانين وأنظمة موحدة تكفل لناس الخليج حرية التنقل والتجارة والتوحد الجمركي، وربما يشمل ذلك توحد العملة وقد علقت الصحافة الخليجية والعربية بأن ذلك الاتحاد الخليجي الوليد الجديد سيكون على غرار الاتحاد الأوروبي ككتلة واحدة متوحدة الأهداف والقرارات الصائبة التي تصب في صالح أوطانها جميعا.
هذه الفكرة لم تأتِ من فراغ بل أتت من قوة ومتانة مجلس التعاون الخليجية الذي عمل زهاء اثنين وثلاثين عاما فعززت من مكانته الراقية ليرقى لمستوى {اتحاد}، وكون مجلس التعاون يرتقي لمستوى الاتحاد ليس بالأمر الهين، ولكنها ثمرة من ثمار المجلس اليانعة التي حان قطافها بالوقت المناسب، فاليوم هو اليوم المناسب بل الأنسب فيما تمر بها المنطقة العربية من أهوال وكوارث جسام، الأمر الذي خلق الدعوة المبكرة لهذا الاتحاد الخليجي، والذي سيكون إن شاء الله قويًا ومتماسكًا لدرء المخاطر عن أوطاننا ومجتمعاتنا الخليجية في الوقت الذي يشكل رسالة للغير بأن أمن الخليج لا يشكل خطًا أحمر فحسب وإنما خطوطًا حمرًا لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها وستثبت الأيام ذلك، فما كان يشكله مجلس التعاون آنذاك من قوة ومهابة لصالح أوطانه وشعوبه، سيكون دور الاتحاد الخليجي اليوم أكبر إيجابية وفاعلية سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا.
bushait.m.h.l@hotmail.com