صعــد سهم الإخوان في أقطار عربيــة أسقطت الجماهير رؤساءها؛ ففي تونس صعد سهم الإخوان حتى استحوذ على أغلب الأصوات؛ وكذلك حصل في مصر؛ و» قد « يحدث ذلك في اليمن (وهنا الكارثة الكبرى) لو فاز المتشددون في اليمن.
الشيء الغريب أن نجد أصواتا من هنا تؤيد أولئك الإخونجية؛ وتدافع عنهم وتؤيد امتلاكهم السلطة؛ وهم يعرفون جيدا اتجاهاتهم الأيدلوجية والفكرية ؛ ويعرفون ممارساتهم في الأزمات التي تحل بالأمة العربية؛ وخاصة عندما تحل أزمة في دول الخليج؛ لأن أولئك يحددون مسارهم على مكاسب شخصية وجماهيرية لأفراد منهم بارزين؛ ولا تجد لأحدهم موقفا ثابتا يستمر عليه؛ فهو يميل مع الريح والربح معا؛ بمعنى أن ما يزعم أنها قاعدة دينية وشرعية يتكئ عليها تنتفي مع انتفاء مسألة النفع.
في عدد من الصحف أرى كتابات تؤيد وتدافع عن الإخوان من أناس يماثلونهم في الموقف المتغيّر مع الزمن واللحظة و»المناسبة» فهم مثلهم يراوغون خلف ستار التدين؛ وينهشون جسد الأمة تحت هذا الشعار؛ ومواقفهم في كثير من حياتهم لا تعطي المتابع لهم فرصة لاحترام مسارهم؛ ومع ذلك فهم وسطيون هنا؛ ويتشدقون بالوسطية؛ ومتشددون إذا ما قضوا صيفهم هناك؛ ومع التحيّز والتشدد هناك أيضا!؛ لكن ذلك التشدد يميع كالزبدة فوق النار؛ فيصيرون أصدقاء للكل دون أن يعطوا فرصة أو اتجاها صحيحا يسيرون عليه في نهجهم؛ حتى أنهم خلال المؤتمرات والمناسبات ينسون ما هم عليه!.
أصبح مسار أولئك وهؤلاء مسارا مؤلما جدا؛ فهم يتلونون مع المتغيّرات؛ وكل يوم لهم رأي ولهم منهج ولهم ما يسمونه بأسلوب ومصلحة ودفع أذى..,. الخ! وقد أعطوا ألسنة حدادا شدادا عند الدفاع عن أنفسهم إذا ما أخطأوا أو وقع احدهم في محظور أو حتى محرّم؛ فتجد التعليل والتدليل ولوي النصوص لكي تتأقلم مع ما ذهب إليه؛ كما يفعل «القواعد من النساء» في تعليلهن لارتكاب شيء غير مألوف أو محمود؛ يلجأن إلى النياحة؛ وهم عندما يجدون من يجادلهم ويرد عليهم ينسحبون بسرعة وهم يعللون ذلك بالترفّع عن لهو الحديث!
يبدو لي أن مصر العربية ستقبل على مرحلة من الضمور الفكري والاقتصادي؛ وسوف تنمو فيها خلايا شاذة عن مجتمع مصر ونهج المواطن المصري البسيط الذي يتعامل مع الحياة ببساطة ومحبة للكل.
فوز إخوان مصر سوف يجعلهم على المحك؛ وسوف يعرّي كثيرا من نهجهم الذي نعرفه؛ ويبدد التشدّق الذي نشاهده من بعضهم على الشاشات وفي المناسبات؛ ولعل الخوف كل الخوف أن يحاول هؤلاء الإخونجية في تحويل مسار مصر الفكري إلى مسار ساذج ممقوت تحت شعار «التسامح الديني» وهو شعار لم يعرفوه من قبل؛ لكنه ضروري لإثبات أقدامهم في الحكم؛ لأنهم متلونون.
يبدو أن مصر مقبلة على ولادة عسيرة سوف تنتج أجنة مشوهين فكريا وخلقيا؛ لأن خلية الإخونجية هي التي سوف تسيطر على الشارع والمكتب وحتى بائع الفول والطعمية هناك. حمى الله مصر من كل كيد.