نُشر في يوم الجمعة 28 المحرم 1433هـ 23 ديسمبر 2011م في صحيفة المدينة المنورة تحقيق ميداني موسع عن وضع المراكز الصحية في جدة، وفي يوم السبت 29 المحرم 1433هـ - 24 ديسمبر 2011م وفي العد 15888 لجريدة الرياض نشر تحقيق آخر ميداني وموسع أيضاً عن وضع القطاع الصحي في المملكة، وناقش التحقيق الوضع في عدة مناطق من المملكة، وخلاصة التحقيقين:
وضع صحي متردٍّ من خلال مراكز صحية متهالكة تعاني من مشاكل جذرية من نقص الخدمات والأدوية والكادر الطبي، إضافة إلى مباني مزرية وواقع مؤلم يتمثل في صفوف المراجعين وخدمات دون المستوى، ناهيك عن أن بعض المراكز توجد في مناطق سيئة تعاني من مياه ملوثة ومستنقعات تحيط بها، أما المستشفيات فتشكو من قلة الأسِرّة وعدم القدرة على استقبال المراجعين، ومواعيد تمتد إلى أشهر طويلة، ومدن طبية تنشأ بملايين الملايين ثم يؤجل العمل فيها وتنقل إلى موقع آخر، ومنها مدينة الملك عبدالله الطبية في مكة التي تكلف إنشاؤها نحو530 مليون ريال، ثم نقلت إلى منطقة الشميسي نتيجة عدم قدرة المدينة على استقطاب كوادر بشرية عالمية في تخصصات دقيقة من غير المسلمين وبالذات في هيئة التمريض، كما أن المدينة تحتاج إلى كوادر عالمية متخصصة في الأورام والعناية المركزة، عناية القلب وغيرها من التخصصات حتى تقوم المدينة بدورها المطلوب, وأمام هذه السلبيات الكبيرة أتساءل: ألم يوضع في الحسبان عند إنشاء هذه المدينة مثل هذه الأمور؟!.
كلا التقريرين اللذين أشرت إليهما حفلا بسلبيات مفجعة وصور تبعث على الأسى على الواقع الصحي لدينا، وفي الوقت نفسه حفلا بملاحظات مهمة من أشخاص في الميدان نفسه، ولعلي أشير إلى إحدى الملاحظات التي تخص المدن الطبية؛ إذ تقول (إن المدن الطبية لم تبن على دراسات تخطيطية استراتيجية واضحة ضمن هيكلة القطاع الصحي في المملكة، وعلى سبيل المثال: أعتقد أن التوسع في مدينة الملك فهد الطبية ليس بالقرار الصائب؛ لأنه كان الأولى في التوسع في مدن أخرى، كما أنه سيغير بالمدينة من الناحية التشغيلية في المستقبل، لأن أي مؤسسة صحية كانت أو غير صحية يجب أن يكون لها حجم مثالي لتدار بشكل سليم.
من جانب آخر، كان في يوم السبت 29 المحرم وفي اليوم نفسه الذي نشره في تحقيق صحيفة الرياض لقاء وزير الصحة مع رئيس مجلس الشورى وعدد من أعضاء المجلس وعرض وزير الصحة مشروع الرعاية الصحية المتكاملة والخطة الاستراتيجية للوزارة للأعوام العشرة المقبلة، والتي جاءت كما نشرت - كالآتي:
- اعتماد منهج الرعاية الصحية المتكاملة والشاملة مع الاهتمام بالجانب البحثي والتعليمي وإرساء ثقافة العمل المؤسسي ورفع مستوى الجودة وقياس ومراقبة الأداء واستقطاب الكوادر المؤهلة وتنمية الموارد البشرية وتطوير الصحة الإلكترونية ونظم المعلومات والاستخدام الأمثل للموارد وتطبيقات اقتصاديات الرعاية الصحية ودراسة طرق تمويلها حيث ترتكز هذه الخطة على خمسة محاور هي نهج تقديم الخدمة والحركة والموارد البشرية ونظم المعلومات والتحويل، ويأتي ضمن هذه الخطة المشروع الوطني للرعاية الصحية المتكاملة والشاملة، والذي يهدف إلى تعزيز الخدمات وتمويلها وتوفير الخدمة الصحية والعدالة في التوزيع وتحقيق سهولة الوصول إليها ورفع مستوى جودة الخدمة المقدمة، وكذلك رفع كفاءة الأداء لخدمات الرعاية الصحية، إضافة إلى تحقيق شمولية الخدمة المقدمة للمستفيد لجميع مستوياتها).
هل هذه الخطة المثالية يمكن تحقيقها؟ وهل ستقضي في أقرب وقت على المشاكل الفادحة التي وردت في التحقيقين المنشورين في صحيفتي المدينة والرياض أم ستتحول إلى مجرد تنظير يختفي مع الوقت؟!.