بعد أن علمتني (صحيفة الجزيرة) عد كلماتي، هاهو (تويتر) يعلمني تعداد أحرف كلماتي ليمكن تمريرها تقنياً، والواقع أن عالم مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما تويتر (كرؤية شخصية) عالم ساحر يجمع بين الفائدة والمتعة والتسلية البريئة (لمن أرادها) ومنه تتعرف على آراء كثير من المفكرين والكتّاب وقادة الرأي، كما نسعد بنوادر ونكات خفيفي الظل والظرفاء، وفي تقديري أن هذه المواقع أثبتت أن الشعب السعودي والخليجي قد فاق بعض شعوب المنطقة في حسن الدعابة وصناعة الفكاهة والكوميديا، لا سيما الشباب ممن يطلقون دعابات وتعليقات حتى على أنفسهم وهذا مؤشر وعي وثقة بالنفس، وأعني بذلك خصوصاً الشريحة الواعية المدركة لحدود الدعابة وأثرها الاجتماعي والنأي بها عن الإسفاف، كما كشفت هذه المواقع عن أسماء كان يؤمل منها أن تكون أثمن وأصلب قاعدة في حيز الثقافة العامة وإذا بها تنبئ عن أقل من ذلك، فيما أسماء لم تكن تحبذ الظهور اجتذبتها أسماء أخرى عن طريق التواصل فأنبأت عن رصيد هائل من الفكر العقلاني والمشاركة الاجتماعية الواقعية المتزنة، وفي هذه الجزئية لا أنفرد بالرأي فقد استأنست برأي من يفوقني دراية وتقييماً، كما أبرزت مواقع التواصل مواهب شبابية في محيطنا الاجتماعي من الأقارب والأصدقاء وأبناء الحي وغيرهم لم يكن المرء يعرف عنهم هذه القدرات والمدارك والتوجهات والميول الفكرية، فإذا بتغريداتهم تفصح عن شيء يدعو للفخر أحيانا والإعجاب تارة أخرى، والتغريد هو صوت عصفور صغير رشيق الجسم خفيف الحركة والظل جميل الشكل بألوان زاهية، وأحيانا بلون واحد رائع لكن التغريدة هي التغريدة، غير أن ما يقرأ ويشاهد ويسمع أحيانا على (تويتر) لا يمكن وصفه بالتغريد، فلا بد أن كائنات أخرى تدلف لهذه المواقع خلسة لدرجة تشعرك أن مشاركات لا يمكن نسبتها إلاّ لمخلوقات منقرضة وتم تحنيط قطيع منها وهي تصر على المداخلات ضمن مخلوقات الله المعاصرة، ومن المحاذير على هذه المواقع أنها تسرق الوقت دون شعور المتصفح أو (المتوتر) إلى حد يخشى معه أن يفوّت وقت الصلاة أو يهمل مصالحه وشؤون أسرته، كما أن إطالة الجلوس أمام هذه الباقات ووسائل الاتصال المشوقة بما تحويه من عجائب الفوائد ونوادر الطرائف قد تكون سبباً رئيساً لتزايد أمراض سكر الدم والكولسترول وهشاشة العظام، والخوف الأكبر من هشاشة العقول لمن لا يدرك خطورة التمادي وتجاوز الخطوط الحمراء في تتبع المحتوى من جوانب معددة بينها السلوكي والأمني والأخلاقي،وملاحظة هامة يدركها المتابع لمجمل مواقع الاتصال وبعض المنتديات من الحماس الطاغي على بعض مشجعي الفرق الرياضية الذي يبدأ عادة بدعابة وتعليق للتندر على الطرف المنافس ثم يتطور إلى نقاش وحوار يتصاعد بوتيرة حادة تتجاوز حدود التنافس الرياضي واللباقة في الطرح، ويخرج بعض الفتيان عن هوامش المزاح وينقله المزاج المندمج مع تعاطي السجائر والشيشة والمعسل مع الشاهي الخاثر (والسكر زيادة) فتكون النتائج غير متوقعة والمضاعفات غير متخيلة، ولا تتضح آثارها إلا بعد حين من الزمن، والعاقل من يتعظ بغيره.