يوم أعلن عن إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد وتعيين رئيس لها، عُدّ ذلك تفعيلاً عملياً لخطوات الإصلاح التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أصبحت عنواناً لعهده الميمون، وكنا نترقب أن تسهم الهيئة في الحد من تفشي هذه الآفة التي أصبحت سرطاناً ينهش في جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية في أغلب الدول إن لم تكن جميعها، فلم يعد الفساد متفشياً في الدول المستبدة ولا النامية بل تعداها إلى الدول المتقدمة ولم تنج منه إلا القلة القليلة.
طبعاً هناك نسب بين دولة وأخرى إلا أنه لا يمكن نجاة أي دولة من هذا المرض الفتاك الذي ينهش اقتصاديات الدول، ولذلك فإن الكثير منهم اتخذ إجراءات وخطوات للتصدي لهذا الفعل غير الأخلاقي وباشر في وضع أنظمة وإجراءات لمحاصرة الفاسدين ومراقبتهم وإفشال مخططاتهم.
من أهم تلك الإجراءات إلزام الوزراء وكبار المسؤولين ومن يديرون المال العام ومن بيدهم إرساء المناقصات وكبار موظفي الدولة بتقديم إقرارٍ بذممهم المالية.
هذا الإجراء الذي أوشكت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في المملكة على الانتهاء من وضع لائحته يعد الأساس في محاربة الفساد، وهو ملزم في كثير من الدول التي تضعه شرطاً أساسياً قبل أن يباشر أي موظف عمله بدءاً بالوزير والمدير والمسؤول وصولاً إلى الموظفين الآخرين خاصة من لهم علاقة بالصرف وبالأموال العامة.
هو إجراء وقائي وليس تشكيكاً بالذمم إلا أنه حصانة للمال العام وللمسؤول الوزير والمسؤول الموظف، فالإغراءات كثيرة، وكثرة المال تغوي النفوس على مد يدهم إلى ذلك المال، وعندما يعلم الوزير والمسؤول بأنه سيحاسب على تضخم ثروته ومعرفة مصادر الإثراء مقارنة بما يحصل عليه من مرتب ومكافأة على عمله يجعله ينفق ويحسن إدارة ما تحت مسؤوليته من أموال وأملاك.
إجراء بسيط ومطلوب تأخذ به كل الدول، والذي نرجوه أن لا يتأخر الانتهاء من وضع بنودها وإقرارها للعمل بها كوننا قد تأخرنا كثيراً في وجود وتفعيل مثل هذه الآلية التي تحفظ المال العام وأيضاً تعزز سمعة الوزراء وكبار المسؤولين الذين سيكون وضعهم واضحاً ومعروفاً قبل تحمل مسؤولية الوزارة والوظيفة التي كلف بها وبعد الانتهاء منها.
jaser@al-jazirah.com.sa