الحمد لله رب العالمين، نحمده ونشكره على كل شيء. والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، وبعد:
قرأت ديوان الإمام الشافعي - رحمه الله -، وبُهرت جداً بهذا الرجل الداهية، الذي كان من أشعر الناس وأكثرهم أدباً، وكان صاحب خلق ودين وعفة وقناعة وزهد وكرم وفضيلة، وكان من أعرف الناس بالقراءات، وقد كان حافظاً لكتاب الله تعالى وعالماً بتفسيره ومعانيه ونزوله.. فهو من أعظم الأئمة والعلماء المسلمين، وهو صدقاً أشبه بمجموعة من العلماء في رجل واحد، وهو عالم بأصول الكلام والحديث، وقد كتب الكثير، ومن ذلك كتب في تجميع الأصول والطهارة والصلوات والزكوات والصيام والحج والمعاملات والإجارات والعطايا والوصايا والفرائض والأنكحة والجراح والحدود والسير والجهاد والأطعمة والقضايا وغيرها الكثير.
لذا فقد اخترتُ - برأيي الشخصي - من أجمل ما قرأته لهذا الداهية، وأتمنى ممن سيقرأ مقالي هذا التمعن جيداً في هذه الأبيات الدرر والتعمق في معانيها؛ كونها تلامس كثيراً حياتنا اليومية.
الرضا بقضاء الله
دع الأيام تفعل ما تشاء
وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا حزن يدوم ولا سرور
ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع
فأنت ومالك الدنيا سواء
وأرض الله واسعة ولكن
إذا نزل القضاء ضاق الفضاء
عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة
ولا أن ما يخفى عليه يغيب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى
ويأذن في توباتنا فنتوب
مكارم الأخلاق
الناس داء وداء الناس قربهم
وفي اعتزالهم قطع المودات
السكوت سلامة
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف
وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح
التكثر من الأصدقاء
وأكثر من الإخوان ما استطعت إنهم
بطون إذا استنجدتهم وظهور
فضل السكون
وجدت سكوني متجراً فلزمته
إذا لم أجد ربحاً فلست بخاسر
وما الصمت إلا في الرجال متاجر
وتاجره يعلو على كل تاجر
آداب النصح
تعمَّدني بنصحك في انفرادي
وجنِّبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
لا تعطين الرأي من لا يريده
ولا تعطين الرأي من لا يريده
فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه
صفو الوداد
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا
فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها
صديق صدوق صادق الوعد منصفا
التوكل في طلب الرزق
توكلت في رزقي على الله خالقي
وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليس يفوتني
ولو كان في قاع البحار العوامق
حمل النفس على ما يزينها
صن النفس واحملها على ما يزينها
تعش سالماً والقول فيك جميل
وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غد
عسى نكبات الدهر عنك تزول
ولا ضير في ود امرئ متلون
إذا الريح مالت مال حيث تميل
وما أكثر الإخوان حين تعدّهم
ولكنهم في النائبات قليل
البلاء من أنفسنا لا من الزمان
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب
ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
حصاد الألسن
احفظ لسانك أيها الإنسان
لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه
كانت تهاب لقاءه الأقران
القناعة وصيانة النفس
قنعت بالقوت من زماني
وصنت نفسي عن الهوان
خوفاً من الناس أن يقولوا
فضل فلان على فلان
وختاماً:
أسأل الله ذا الجلال والإكرام أن يوفقنا، ويديم علينا الصحة والعافية، ويطيل في عمر ملكنا ووالدنا والعائلة المالكة جميعاً لما فيه الخير للدين والوطن والمواطنين.
kader7hr@hotmail.com