الهروب إلى الأمام وافتعال الأزمات الخارجية لتخفيف الضغط عن التأزم الداخلي وتوجيه أنظار الشعب في الداخل إلى خارج الحدود من خلال افتعال أزمات وإظهارها بأنها تهديد لأمن الوطن وسيادته، ليس بالجديد، وهو أسلوب قديم تلجأ إليه الأنظمة المحاصرة بالداخل من قبل شعوبها لإشغالها حتى يستطيع النظام تجاوز أزماته الداخلية.
النظام الحاكم في إيران كثيراً ما يلجأ إلى هذا الأسلوب، فكلما أشتد عليه الحصار في الداخل يفتعل الأزمات الخارجية لتوجيه أنظار الشعب إلى خارج الحدود.
واليوم يكرر نظام طهران اللعبة نفسها وبالأساليب نفسها، فمن خلال مناورات 90 في خليج عمان وسواحل البحر العربي حتى خليج عدن، يسعى إلى خلق توتر أمني وعسكري، خصوصاً وأن المسؤولين على تنفيذ المناورات يرددون في تصريحاتهم أن الهدف من وراء هذه المناورات هو اختبار جاهزية القوات البحرية الإيرانية على إغلاق مضيق هرمز الذي يربط الخليج العربي بخليج عمان، وهو الممر البحري الذي يمر منه ثلث صادرات النفط إلى العالم.
إغلاق مضيق هرمز، كما يدعي أحد القادة العسكريين في الحرس الثوري الإيراني (أسهل من شربة ماء)..!!
هذا الادعاء وكما يؤكد المختصون في الإستراتيجيات والمعارك البحرية، ليس سهلاً كما يدعي هذا الأميرال الإيراني، فحتى وإن نجحت القوات البحرية الإيرانية في إغلاق مضيق هرمز، فهناك وسائل عدة يعرفها المختصون تجعل الإغلاق مؤقتاً، وأن من يتسبب في الإغلاق سيواجه عقاباً قاسياً، إذ مهما كان عدد القطع البحرية الإيرانية التي تشارك في المناورات الحالية والقطع الأخرى الموجودة في القواعد البحرية الإيرانية على الخليج العربي وعلى الساحل الإيراني لن تكون لها القدرة في مواجهة ما هو موجود فعلاً في المنطقة المحيطة بمضيق هرمز سواء في الخليج العربي أو خليج عمان أو في بحر العرب وحتى في المحيط الهندي، فالحشد البحري الدولي وبالذات الغربي المكون من البارجات الأمريكية والبريطانية والفرنسية ستكون جاهزة للتدخل وفتح مضيق هرمز وتنظيفه من أي تخريب، مع توجيه ضربة تأديبية للقوات البحرية الإيرانية التي يلعب قادتها بالنار فعلاً لإثارتهم مثل هذه التوترات التي تجعل الشعوب الإيرانية مهتمة بمثل هذه الأساليب، بل سيؤدي الفشل المؤكد في ترجمة تهديدات النظام إلى مزيد من التأزم في الداخل الذي سيتزايد في ظل تصاعد العزلة الدولية والسقطات المتتالية لنظام طهران على ساحتيه الإقليمية والدولية.