|
الجزيرة - خاص - الحدود السورية التركية
للمرة الأولى لوسيلة إعلامية أدلت قيادة الجيش السوري الحر مجتمعة بحوار موسع لصحيفة( الجزيرة) حول عدد من القضايا والمحاور المتعلقة بالثورة السورية وعدد من الموضوعات ذات الصلة بالجيش السوري الحر. وهم العقيد رياض موسى الأسعد قائد الجيش السوري الحر، والرائد مظلي ماهر الرحمون النعيمي الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري للجيش السوري الحر وقائد كتيبة معاوية بن أبي سفيان، والنقيب مظلي عمار عبدالله الواوي أمين سر المجلس العسكري للجيش السوري الحر وقائد كتيبة أبابيل. وأول محاور هذا الحديث كان مع العقيد رياض الأسعد قائد الجيش السوري الحر:
العقيد رياض موسى الأسعد من مواليد 1961م في قرية ابديتا بجبل الزاوية من محافظة إدلب.
ما هي اللحظة الفارقة التي رجحت لديكم قرار الانشقاق على خطورته وتبعاته، وكيف رتبتم عملية الخروج الآمن؟
- أنا بالأساس أكره الظلم، ولشدة مارأيت من ممارسات ظالمة من خلال قمع المظاهرات السلمية المطالبة بالحرية لم أستطع الاحتمال وتركت الجيش معلناً الانشقاق عنه كما رأيتم في وسائل الإعلام. ومن خلال بعض الثوار تم تأمين المساعدة للانتقال إلى الحدود التركية بشكل آمن.
بالنسبة لتسمية الجيش السوري الحر، ماهي الدلالة المتضمنة في هذا الاسم، وهل جاء مصادفة أم عن فلسفة ووعي مسبق؟
- لا لم يأتِ الاسم مصادفة، بل عن وعي ورؤية واضحة لدينا تراعي التنوع الإثني والنسيج الاجتماعي السوري، وهو عنوان عريض يستوعب الضباط وضباط الصف والجنود المنشقين من كافة الأطياف في إطار وطني يتناسب مع الدور القادم للجيش بالتزامه بحدود مهامه الوطنية بعيداً عن التدخل بالشأن السياسي والأحزاب.
وهل انعكست رؤيتكم على واقع الانشقاقات حتى الآن من خلال ضباط ينتمون إلى الأطياف التي راعيتموها في التسمية؟
- في الواقع النسبة الكبرى من الانشقاقات حتى الآن هي من الأكثرية التي وقعت عليها النسبة الأكبر من الظلم، ولدينا ضابط واحد برتبة ملازم أول من طائفة الموحدين الدروز.
أنتم قائد للجيش السوري الحر برتبة عقيد، كيف تتعاملون مع انشقاق رتب أعلى من رتبة عقيد؟
نحن انفصلنا عن الجيش مناصرة للثورة، وفي الثورة تُلغى اعتبارات الرّتب، وفي حال كون هذا الموضوع سيشكل حساسية فموضوع ترفيعي إلى رتبة أعلى أمر وارد.
هل تعطونا فكرة عن العلاقة مع الجانب التركي، ووضع مخيمات اللاجئين هناك؟
- العلاقة مع الجانب التركي هي في إطار الوضعية التي دفعنا إليها النظام، وهي وضعية اللجوء، وليس لدينا خارج هذا الإطار أي علاقة مع الجانب التركي. واللاجئون السوريون في المخيمات التركية يلقون معاملة إنسانية ممتازة من خلال ماتقدمه الحكومة التركية مشكورة لكافة متطلبات المعيشة وفق ظروف إنسانية مقدَّرة.
كيف تنظرون إلى دور الجامعة العربية، ومبادرتها حيال القضية السورية؟
- بصراحة نحن نعتبر موقف الجامعة العربية موقفاً لايتناسب مع تطورات الأحداث في سورية، فالمجازر تُرتكب في كل يوم بوحشية تدمع لها العيون وتُدمى لها القلوب والجامعة العربية تعطي النظام المهلة تلو الأخرى، وتمنحه الوقت بالمراوغة في توقيع البروتوكول الذي لانعلم ماهيته ولاشروطه ولا آليات تنفيذه. كنا نتوقع من الجامعة العربية أن تتخذ موقفاً حاسماً وتسحب البروتوكول بعد مجزرة جبل الزاوية التي راح ضحيتها أكثر من 70 شهيداً.
نتوقف عند هذه المجزرة التي تزامنت مع القبض على 21 ضابطاً في درعا، هل من تفاصيل لديكم عنها؟
- لقد قُبض على 21 ضابطاً في درعا؛ لأنهم (يُفكّرون) بالانشقاق، وأصدر النظام بحقهم حكم الإعدام بناء على مرسوم يخول أجهزة النظام بإعدام كل من يحمل السلاح ومن (يتعاطف) ومن رُؤيَ حاملاً للسلاح ومن قيل عنه إنه حمل السلاح. وفي جبل الزاوية حدثت مجزرة بكل معنى الكلمة، حيث قامت العربات المدرعة والدبابات بالقصف على المواطنين والجنود المنشقين حتى جمعتهم في الأودية والجبال وتم قصف هذه الأماكن بالصواريخ؛ لذلك كان عدد القتلى كبير جداً، وتم التمثيل بالجثث، ومن هذا التشنيع ماحدث مع إمام المسجد في قرية كفر عويد الشيخ أحمد الفاتح حيث قُطع رأسه وعُلّق على باب المسجد.
ماذا عن مصادر تمويلكم، ومتى تفتحون باب التطوع في الجيش السوري الحر؟
- نحن نتلقى حتى الآن الدعم من الإخوة السوريين، ولاسيما ممن يعيشون في بلدان الاغتراب، وهو بصراحة متواضع جداً ويقل عن احتياجات مجموعة صغيرة، ناهيك عن تمويل وتسليح جيش يزيد عدده على 25000 مقاتل يتكاثرون كل يوم بسبب الانشقاقات. وتزيد احتياجاتنا الشهرية عن ملايين الدولارات من تسليح وذخيرة ومتطلبات لوجستية كثيرة. ولم نتلقَّ حتى الساعة أي دعم أو عون من أي جهة أخرى لارسمية ولاشعبية، لاعربية ولاغير عربية؛ ولهذا السبب لم نفتح باب التطوع حتى الآن، وهو خيار قائم في حال توفر الإمكانات.
راجت أخبار عن مشاركة مقاتلين ليبيين معكم، وهل من أدلة على مشاركة إيران وحزب الله وجيش المهدي بجانب النظام؟
- بالنسبة لمشاركة مقاتلين ليبيين هذا أمر عارٍ عن الصحة، وأنفيه بشدة، ولايوجد مقاتل ليبي واحد على الأراضي السورية، وهو أمر مرفوض من الشعب السوري، فنحن لاينقصنا رجال، لدينا أعداد كبيرة من المقاتلين، ماينقصنا فقط كما أسلفت هو التسليح. أما على الشق الآخر من السؤال، فأجيب: نعم هناك عناصر من حزب الله وإيران تتولى قيادة عمليات قتل وقمع المتظاهرين في أماكن كثيرة من سورية، وكذلك يوجد عدد من القناصة من إيران وحزب الله.
كثر الحديث عن مطلب حظر الطيران والمنطقة العازلة، فماهي رؤيتكم تجاه هذا المطلب، وماهي الحدود الجغرافية لهذه المنطقة؟
- نأمل أن تتحقق هذه المنطقة العازلة وهي جغرافياً تمتد بعمق 25 كيلومتراً من الساحل السوري باتجاه الشرق حتى مدينة حلب متضمنة منطقة جبل الزاوية.
هل تمتلكون رؤية واضحة فيما يتعلق بأسلحة الجيش من صواريخ وطيران في حال سقوط النظام؟
نعم لدينا رؤية واضحة ووعي كامل لهذه المسألة، ولدينا خطط جاهزة لوضع اليد على هذه الأسلحة، ونحن حريصون على عدم تدميرها؛ لأنها ستؤول إلى الشعب السوري فهي أولاً وأخيراً أسلحة الشعب وقد دفع ثمنها من لقمة عيشه.
من خلال مجريات الأمور ودخول الثورة في شهرها العاشر، إلى أين يتجه المؤشر الزمني لسقوط النظام؟
- الأمور تتجه إلى الأصعب، فمعادلة التوازن لاتزال راجحة لصالح قوات النظام التي تزداد شراسة ودموية، ونحن مقيدون بتواضع إمكاناتنا وملتزمون بموقع الدفاع ولانبادر بالهجوم؛ ولهذا لانستطيع تقدير المدة المتبقية من عمر النظام. لكن القوة بعد الله تكمن في صمود هذا الشعب العظيم الذي لن يتراجع عن مطالبه مهما كان الثمن.
كيف تقيمون المواقف الدولية، ولاسيما مجلس الأمن وحلف الناتو من الشأن السوري؟
- نطلب من المجتمع الدولي وخاصة الدول الأوربية وأمريكا وحلف الناتو أن يقفوا مع الشعب السوري كما وقفوا مع الشعب الليبي، حيث اتخذوا القرار بعد 17 يوماً من انطلاق الثورة الليبية. والثورة السورية تدخل شهرها العاشر ولانرى موقفاً جدياً لامن الغرب ولامن الشرق، ولاحتى من العرب سوى موقف الشعوب المناصر لنا.
ماذا تقول للسوريين في الداخل: متظاهرين وصامتين وأتباع النظام، وللسوريين في الخارج؟
- أقول للمتظاهرين: اصبروا وصابروا، وكان الله في عونكم، وإن كل الثورات تحتاج إلى تضحية وبذل فالحرية غالية والوطن أغلى، والنصر قريب بإذن الله. وأقول للصامتين: كفاكم صمتاً، وإن هذا النظام زائل حتماً بإذن الله ولو بعد حين، والتاريخ سيذكر كل شيء بالتفاصيل، ولن يرحمكم. وأقول لأزلام النظام: أنتم عصابة قتلتم الشعب السوري، وستُحاكَمون محاكمات عادلة مهما طال الزمن. وأقول للمغتربين السوريين: انظروا إلى مايجري في وطنكم واستشعروا مسؤوليتكم تجاهه، وقدموا الدعم لمواطنيكم الذين لايجدون لقمة العيش ولاالدواء ولاالكساء ولامايقيهم برودة الشتاء، فكل مقومات الحياة غير متوفرة، وخاصة في الأماكن المنكوبة التي يشدد النظام قبضته الأمنية عليها مثل حمص وجبل الزاوية ومناطق حماة ودرعا.
هل من كلمة أخيرة للضباط والجنود الذين لايزالون على رأس عملهم في قطعات الجيش السوري حتى الآن؟
- أوجه رسالة إلى الضباط وضباط الصف والجنود الذين لايزالون يناصرون النظام في قمعه للشعب أن يراجعوا حساباتهم، ويقفوا وقفة حق مع شعبهم؛ لأنهم أقسموا على حماية هذا الشعب، وليس حماية هذا النظام الزائل بإذن الله تعالى مهما استمروا بالوقوف معه، وهذا النظام مجرم وسيُحاسب وستُحاسبون معه عاجلاً أم آجلاً، وذلك مصير من تلطخت يداه بدماء هذا الشعب الطاهر.
في النهاية، هل تزودونا بتفاصيل قضية اختطاف المقدم حسين الهرموش، فقد انتشرت شائعات وسيناريوهات كثيرة حولها؟
- في الحقيقة لاتوجد لدينا أي معلومات دقيقة أو تفاصيل يمكن الحديث حولها، كل مايُتداول حول هذه القضية هو في إطار التكهنات والشائعات، وربما الفترة القادمة كفيلة بكشف تلك التفاصيل. فقط المعلومة الدقيقة المؤكدة لدينا أنه لايزال على قيد الحياة، ومعتقل في الفرع 93 .
المحور الثاني من الحديث مع الرائد مظلي ماهر الرحمون النعيمي الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري للجيش السوري الحر وقائد كتيبة معاوية بن أبي سفيان:
الرائد ماهر الرحمون النعيمي من مواليد 1976م في محافظة حماة قرية معرزاف خريج الكلية الحربية اختصاص مدرعات، حاصل على بكالوريوس الحقوق من جامعة دمشق، عمل عدة سنوات على خطوط المواجهة في جبهة الجولان وعمل أكثر من تسع سنوات في قطاعات الحرس الجمهوري.
لا شك أن انشقاق المقدم حسين الهرموش كان ملهماً لانشقاق الضباط بعده، هل أثر القبض عليه في معنويات المنشقين أو من يفكرون بالانشقاق؟
- إطلاقاً لم يؤثر، ربما أحدث في البداية إرباكاً لدى بعض المجندين لفترة محدودة، لكنه كان محرضاً للضباط فقرار الانشقاق موقف ميداني يتخذه الضابط أو المجند وفي ذهنه تبعات هذا الموقف، والانشقاق بالأساس يعني أنك اتخذت موقفاً قتالياً تجاه الجهة التي تملي عليك أمر إطلاق النار تجاه المدنيين والمتظاهرين فالأولى قتل هذا المرجع الذي أصدر القرار إن كانت الفرصة مناسبة وتسنح لك بالانسحاب وإلا فتحاشي قتل المدنيين هو الخطوة المتاحة ريثما تحين فرصة الانسحاب لأننا مسلمون ونعلم حكم شرع الله في من يقتل إنساناً بغير ذنب بأنه سيكون خالداً مخلداً في نار جهنم.
- بم تفسر تماسك الحرس الجمهوري حتى الآن في ضوء معرفتك به كأكبر ضابط منشق عنه وما عدده وما هو تسليحه؟
- يتراوح تعداد الحرس الجمهوري بين 30 و35 ألفاً في درجات الجاهزية القصوى، وينقسم إلى 3 دوائر، الدائرة الأولى والثانية يغلب عليهما الولاء العائلي المطلق ويناط بهما الحراسة الشخصية للقصور والمواكب والدائرة الثالثة هي الفرقة المقاتلة التي أنتمي أنا إليها. ويغلب طيف واحد على نسبة 90% من ضباط الحرس الجمهوري و10% تمثل باقي الأطياف. وعلى مستوى الجنود يلاحظ وجود كافة الأطياف بنسب كبيرة. كما يتسم قطاع الحرس الجمهوري بالشراسة والحقد على الشعب وهم أكثر من نكّل بالمتظاهرين حتى أكثر من الفرقة الرابعة سيئة الصيت التي يبلغ تعدادها بحدود 23 ألف مقاتل، ولكن قمع المظاهرات والفظائع التي ارتكبت دفع أعداداً كبيرة إلى الانشقاق أو الفرار وخاصةً من أبناء الطوائف التي لا ترى مكان قتالها في مواجهة الشعب المدني، وعليه فقطاعات القمع من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة تعاني نقصاً عددياً كبيراً.
في الشهور الأولى من الثورة كان الضباط الذين يتولون القمع يشعرون بارتياح في مواجهة عزل، - وبعد دخول الجيش السوري الحر على الخط هل اختلف الأمر من وجهة نظركم؟
نعم وأؤكد هذه الحقيقة بأنهم أصبحوا يرتعدون خوفاً من خلال معاصرتي لهم لأنهم بالأساس جبناء ولايحملون من المعاني العسكرية إلا الملابس، فأصبح ضابط الحرس الجمهوري وكل ضابط يعرف في قرارة نفسه أنه مجرم يخاف من ظله ويتوقع الموت بأي لحظة، وزادوا عدد الحراسات وصفحوا سياراتهم كما أن تبديل السيارات أصبحت هاجساً أمنياً وظاهرةً واضحة. ومع تزايد عدد المنشقين واتساع الكتلة الدفاعية للجيش السوري الحر وازدياد الخسائر في صفوف ضباط وعناصر القمع بدأنا نرصد انهياراً نفسياً لدى هؤلاء الضباط والعناصر القمعية لأنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أنهم مجرمون ومعتدون وأصبحوا يحسبون ألف حساب قبل إطلاق النار على غير ما كان الأمر في بداية الثورة كما لو أنهم في رحلة صيد أو قنص. وتمكنا بتوفيق الله من إيقاع خسائر فادحة في صفوف الأمن والشبيحة، ففي الرستن وحدها كبدناهم قرابة 400 شخص في حين أننا لم نخسر إلا القليل وللتأكيد فإننا نتفادى قتل الجيش ما كان إلى ذلك سبيلاً، وما يفسر سقوط القتلى من الجيش هو مبادرة الأمن والشبيحة إلى قتل كل من يرفض إطلاق النار على المتظاهرين من الجنود والضباط، واعتقال من يتوقع انشقاقه أو رفضه للأمر العسكري، فهناك 1200 ضابط من طائفة واحدة معتقلون لهذا السبب، لكن خسائرنا تكبر عندما يستخدمون الأسلحة الثقيلة كالدبابات والطيران كما حدث في مجزرة جبل الزاوية.
كيف تقرأون تفجيرات دمشق من زاوية المكان والزمان؟
- الجيش السوري الحر يدين هذه التفجيرات ويؤكد بأن الجهات الأمنية السورية هي من يقف خلفها، ونحمل بشار الأسد وآصف شوكت مسؤوليتها. ولا يخفى على أي متابع بأن توقيتها مريب بتزامنه مع قدوم طلائع لجنة الجامعة العربية لصرف أنظارهم عن المهمة التي جاؤوا لأجلها وتشتيت الانتباه عن المجازر والقمع الذي يقوم به النظام وأجهزته. كما يثير الريبة أكثر المكان فإن المقرين الأمنيين اللذين حدث التفجير أمامهما عبارة عن قلاع أمنية لا يستطيع دخولها أوالاقتراب منها كائناً من كان إلا النظام وأنا أعرفها شخصياً حيث يحيط بها من كل الجهات مقرات وفروع أمنية لايمكن اختراقها مثل سرية المداهمة وتسمى سرية الموت وإدارة الأمن الجنائي وفروع الاستطلاع والفرع 293 والفرع 291 وهي من فروع الأمن العسكري. كما أن حادثة التفجير تنطوي على حدث إجرامي مارسه النظام باستقدام عدد من المعتقلين ووضعهم داخل الفرع الذي تم تفجيره ليتخلص منهم ويكون هذا التفجير ذريعة لتبرير وجود معتقلين مفقودين فيما بعد، وما يعزز هذا الاعتقاد أن الحكومة اللبنانية بدأت قبل أيام بترويج أنباء عن دخول عناصر من القاعدة عبر حدودها إلى سوريا تهيئةً لنسب هذا التفجير إلى القاعدة كما فعل النظام بالفعل، وهنا أؤكد وأجزم أنه لاوجود للقاعدة مطلقاً على الأراضي السورية وهذه فبركات سطحية وألاعيب واضحة يمارسها النظام. وإن شئنا الربط بين ما هدد به مفتي الجمهورية أحمد حسون قبل فترة أوروبا وأمريكا وبين هذه الحادثة نجد أن خلايا وعصابات الأمن هي من كان يهدد بها وترجمت تنفيذه الآن لقتل الشعب السوري وخاصةً المعتقلين داخل مبنى الفرع كما أسلفت، فما هي مصلحة القاعدة في هذا الحادث إذا افترضنا جدلاً دورها، كما أنها لعبة أصبحت قديمة ومكشوفة لدى الأوساط الاستخبارية بظهور النظام بصورة المحارب للقاعدة، وتبريراً لوجود عصابات مسلحة كما دأب النظام على هذا الإدعاء منذ انطلاقة الثورة.
كيف تنظرون إلى الجوار والمحيط العربي في ظل المواقف الحالية من قبل تلك الدول؟
- الشعب السوري بصفة عامة يشعر بالعتب على تواضع المواقف العربية تجاه ما يواجهه من قتل واعتقال، لكننا في الجيش السوري الحر على عتبنا لضبابية المواقف وقلة الدعم ننظر إلى أبعد من ذلك وندرك أن كافة الدول العربية بمن فيها دول الجوار ودول الخليج العربي هي عمق إستراتيجي لنا كما أننا عمق لها في الوقت ذاته، وتجمعنا مصالح مشتركة وأهداف إستراتيجية توحد مصيرنا في ظل التحديات المحلية والإقليمية. فنحن لانواجه النظام السوري منفرداً الآن وإنما نواجه تحالفاً يغزو المنطقة بقيادة إيران، وهنا نؤكد بأن إيران لن يكون لها موطئ قدم بعد اليوم في هذه المنطقة، فبسقوط نظام بشار الأسد سيسقط المخطط والرهانات الإيرانية في المنطقة بأسرها. ورؤيتنا لما بعد السقوط تتمثل في إنشاء جيش وطني تعاد هيكلته في حدود دوره الوطني بالمحافظة على حدود البلاد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى كما كان يفعل نظام بشار الأسد في لبنان والعراق وفي الأردن سابقا عندما حاول مهاجمة الحدود. ونؤكد على ترحيبنا بفتح قنوات حوار من منطلق الأخوة والتكامل مع كل إخواننا العرب الذين لا نكن لهم إلا الاحترام والتقدير.
مقولة (سوريا غير) و(خلصت) جمل ترددها أذرع النظام الإعلامية، فماذا تعني لكم؟
- نحن نعتقد بأن بشار الأسد ومن يحيط به على علم اليقين بسقوطهم لكنهم يكابرون كما كابر قبلهم من سبقهم والدليل إجرامهم واعتبارهم الشعب بأنه عدو لدود، وتجيير كل مقدرات الشعب لمدة 40 عاماً لقمع هذا الشعب في سبيل الحفاظ على السلطة، ولن يستطيعوا الحفاظ عليها حتى وإن بقينا لوحدنا ولم يساعدنا لاقريب ولابعيد، نحن نتوكل على الله وهو حسبنا ونعم الوكيل.
هل سيناريو التسوية بخروج الأسد وبعض المقربين منه على غرار الحل اليمني مقبول لدى الجيش السوري الحر؟
- أبداً، يخرج ولكن إلى المحكمة، وإن لم يخرج وفق أي تسوية فسنخرجه رغماً عنه، وأتوقع شخصياً بأنه سيواجه مصيراً أسوأ مما واجه القذافي، لأنه ومن حوله يعيشون بعقلية الطواغيت ويعانون من مرض هيستيريا السلطة.
هل تقدمون ضمانات للطوائف والأقليات، وهل تتخوفون من طرح كردي انفصالي؟
- نعم الوطن والمواطنة ضمناً ضمانة كبرى لكل الطوائف والأعراق والأديان، ونعي كل تلك التوازنات في التشكيل المستقبلي للجيش تحت مظلة الوطن لاكما فعل النظام بجعل طائفة واحدة تسيطر على الجيش وتقمع الطوائف الأخرى. ولن تنزلق البلاد إلى حرب طائفية بعد السقوط كما يروج النظام حتى وإن امتلكت طائفته الأسلحة، لأنهم الآن يمتلكون كل الأسلحة ولم يستطيعوا جر البلاد إلى حرب طائفية. وبالنسبة للأكراد لا نتخوف منهم لأن فيهم عدد كبير يدرك حساسية الانفصال وتعذره إقليمياً، كما أن الإطار الوطني يتسع للجميع دون إقصاء أي طرف.
في دول الربيع العربي برزت ظاهرة وصول الإسلام السياسي إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، كيف ستتعاملون مع هذا المستجد المتوقع في سوريا؟
- كما أسلفت بأن هيكلة الجيش ستختلف في المستقبل وفق مرجعية مؤسساتية ترتبط بالسلطة السياسية وتضمن تحييد الجيش عن التدخل في الشأن السياسي، ولن يحكم الجيش بعد اليوم في سوريا مطلقاً، وفي النظام الديموقراطي المتوقع ستقبل جميع الأطراف نتائج صناديق الاقتراع بانفتاح وتعددية دون النظر إلى الأيديولوجيات والتصنيفات المسبقة. وعلى كل حال فالإسلام الوسطي المعتدل هو التيار الأعم في الواقع بعيداً عن التشويه الذي تعمدته أجهزة النظام طيلة الفترة السابقة.
يشتكي السوريون من عدد كبير جداً من أجهزة الأمن، كم جهازاً منها سيُحل، وكم سيبقى وما دوره؟
أؤكد أن جميع الأجهزة الأمنية ستحل بالكامل، ولن يبقى جهازاً أمنياً في سوريا، وستعاد صياغة هذه الأجهزة وفق ماتحتاجه البلاد فقط وبطريقة مختلفة؛ لأن صورة هذه الأجهزة في أذهان الناس ارتبطت بالخوف والحقد على هذه الأجهزة لما تقوم به من دور يضيق على المواطن ويبتزه ويخرج عن الغايات الأساسية لوجود هذه الأجهزة.
يستتبع بناء الجيش قضية التسليح، فهل ستتأثر بوصلة التسليح بالمواقف الحالية للدول؟
- أعتقد أن لجاناً متخصصة ستتولى هذا الشأن في المستقبل بما يراعي مصالح البلاد، وسيكون في أذهاننا اعتبار لمواقف الدول الحالية بدون شك.
كيف تصفون علاقتكم بالمجلس الوطني ومدى التنسيق معه وكيف تقيمون أداءه؟
- المجلس الوطني هيئة سياسية ونحن مؤسسة عسكرية وكلانا نسير في خط متوازٍ لخدمة الشعب السوري والمضي بثورته حتى النصر، وهناك لجنة مشتركة بين الجيش السوري الحر والمجلس الوطني تتولى التنسيق والتشاور حول كثير من القضايا. إلا أن وتيرة التنسيق لاتتناسب مع الدور التكاملي للهيئتين السياسية والعسكرية في مواكبة ما يجري على الأرض من تصاعد للقتل والعنف من جهة النظام.
المحور الثالث من الحديث كان مع النقيب مظلي عمار عبدالله الواوي أمين سر المجلس العسكري للجيش السوري الحر وقائد كتيبة أبابيل:
النقيب عمار عبدالله الواوي مواليد 1977م في محافظة حماة قرية بريديج وكرناز، خريج الكلية الحربية، كان في المهام الخاصة باستطلاع الجيش السوري.
ما هو عدد كتائب الجيش السوري الحر وكيف تُدار على الأرض؟
- لدينا عدد كبير جداً من الكتائب منتشرة على كافة الأراضي السورية، ولاسيما في المناطق التي تشهد مظاهرات وحراك شعبي، مثل كتيبة العمري بدرعا، وكتيبة معاوية بن أبي سفيان وأبي عبيدة الجراح في دمشق وريفها، وكتيبة خالد بن الوليد والفاروق في حمص والقصير، وأبي الفداء ومعاض الركاض وآل هرموش وشهداء جبل الزاوية وأبابيل في حلب، وكتيبة سلطان باشا الأطرش في السويداء، وكتيبة مشعل التمو وعدي الطائي في الحسكة. ولدينا عدة طرق للتواصل معها من خلال الضباط قادة هذه الكتائب التي تقوم بدور الدفاع عن المتظاهرين ضد أجهزة الأمن والشبيحة.
راج مصطلح (الشبيحة) هل تعرفه لنا في ضوء تفشيه في مدينة حلب التي تقود أنت كتيبة أبابيل فيها؟
- الشبيحة موجودون قبل الثورة، وهم فئة تتبع للدائرة العائلية المقربة من النظام وآل الأسد. وشيوخ الشبيحة هم: منذر الأسد وجميل الأسد وفواز الأسد ورامي مخلوف. ويتبع لهم قطعان من المجرمين الذين يعيثون في الأرض فساداً وتهريباً لكل الممنوعات من مخدرات وسلاح وبضائع مهربة واتجار بالأعضاء وتجارة الأطفال. ويدوسون على كل القوانين، ولايستطيع أحد الوقوف في وجههم سواء كان ضابطاً أم قاضياً أم محافظاً، وليس لأي جهاز حكومي من الأمن والجمارك سيطرة عليهم. وزادت هذه القطعان مع بداية الثورة بضم عدد من المرتزقة والمجرمين والعاطلين عن العمل الذين أصبحوا يتقاضون عن كل يوم جمعة من 2000 - 5000 ليرة سورية. وفي حلب قام النظام بإصدار عفو في بداية الثورة عن تجار المخدرات والمحكومين بجنايات واللصوص وضمهم إلى الشبيحة عن طريق فروع الأمن، وتم تسليحهم وإطلاق أيديهم بالبناء العشوائي وتهريب المازوت (الديزل) والغاز، وكل ذلك مقابل القضاء على الحراك الشعبي في أحياء حلب. ومن أبرز رؤوس الشبيحة في حلب: مروان وزينو بري، وآخرون كثيرون وجميعهم من تجار المخدرات، ويرتبطون بشيوخ التشبيح في القرداحة.
ما هي المصادر التي تشترون منها السلاح في الوقت الراهن؟
- هذا يتوقف على مصادر التمويل، فإن كان وراءها جهات دولية (وهذا لم يحدث حتى الآن) فهي التي يُفترض أن تُؤمن لنا السلاح. وإن كان التمويل من خلال مساعدات شعبية وخاصة فإننا، وهنا المفارقة، نشتريه من أزلام النظام وشبيحته من آل الأسد وآل مخلوف. وسأعطيك الدليل: فقد تم عقد عدة صفقات سلاح لصالح الجيش السوري الحر في مقهى (جروب كافيه) في اللاذقية الذي يملكه المقدم يحيى سعيد من القرداحة مع أحد شيوخ الشبيحة وهو حافظ منذر الأسد وبحضور جعفر سليمان وحمزة إسماعيل. وتم توصيل الأسلحة بسيارة حافظ منذر الأسد من نوع جي إم سي لون أبيض ولوحة رقم 300300 لأنها تتخطى كل حواجز الأمن والجمارك دون سؤال، وكان مصدر تلك الأسلحة مستودعات الجيش.
من أراد الانشقاق من المدنيين في الإدارات الحكومية والدبلوماسيين هل ترحبون بهم تحت مظلة الجيش الحر؟
- نحن نرحب بكل من يقف مع الشعب وينحاز إلى صفه، سواء كان عامل نظافة أم موظف مدني أم بعثي أم من وزارة الداخلية، وقد رأيتم انشقاق بعض من قوى الأمن الداخلي وانضمامهم إلى الجيش السوري الحر.
لماذا تتعرض صفحات الجيش السوري الحر على مواقع التواصل الاجتماعي للإغلاق باستمرار؟
- لقد أطلق الجيش الأسدي بالتزامن مع هجمته على الشعب ما سماه الجيش الإلكتروني، وضم إليه أكثر من 10 آلاف موظف من جميع الاختصاصات. وبدأوا باختراق صفحات الثورة والجيش السوري الحر وفتح صفحات مسيئة للثورة، وكذلك تنكروا وراء أسماء وطنية لاستدراج الناشطين على الأرض واعتقالهم. لهذا فقد قصرنا التواصل الإلكتروني على الإيميلات والهواتف لأن طواقمنا مشغولة بمهمات كثيرة معظمها على الأرض.