تمر سوريا - هذه الأيام - بحالة تتأرجح بين الترقُّب، والانتظار؛ لما ستؤول إليه الأوضاع، - خاصة - وأنّ المنطقة ستتأثر بما يمكن أن تتعرّض له سوريا من تداعيات «الربيع العربي»، مع تحفُّظي على هذا المصطلح، وذلك وفق ما انعكس على مجريات الأحداث في العملية السياسية في الدول التي شهدت انتفاضات شعبية.
قبل فوات الأوان، فإنّ الآراء تتباين حول الوضع في سوريا، والمدى الزمني الذي سيأخذه في هذا الإطار. وما يجري في سوريا من مشهد العنف، والدم النازف، وهول الفظائع التي تشهدها المدن السورية، سيدعونا إلى استيعاب المرحلة القادمة، - لاسيما - وأنّ الأمور هناك، تتطوّر على غرار السيناريو الليبي، دون الاستفادة من الدروس المستوحاة من تلك التجربة المريرة. فالحلول العسكرية، - ومثلها - السياسية، لا تؤدي إلى نتائج حاسمة، - خاصة - عندما ينزل الشعب إلى الشارع، ويطالب بالتغيير، فالأولى بأصحاب القرار السياسي التجاوب مع مطالب الشعب، واللجوء إلى الحوار، وليس العنف. وهو ما يؤكد على ضرورة تفعيل المبادرة العربية؛ لمعالجة الأزمة، ومنعاً لتدويل الأزمة في أروقة الأمم المتحدة، وحرصاً على أمن، واستقرار، ووحدة سوريا.
من المبكِّر التعليق على دور البعثة العربية في سوريا، فهي تتعامل مع الأزمة السورية حسب الإجراءات - في الوقت الحالي -، وتباشرها - خطوة خطوة - في إطار المنطقة، دون تدخل دولي، رغم تصاعد العنف، وتعقُّد الوضع السوري، واستمراره ؛ مما يستوجب إدانة انتهاكات حقوق الإنسان، والكف عن الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين السلميين. فما يجري من حراك على الساحة، - سواء - كان عن طريق المعارضة في الداخل، أو في الخارج، هي الشرعية الحقيقية التي تعبِّر عن رأي المواطن السوري.
في المقابل، فإنّ النظام يبدو وكأنه عصي عن الإصلاح الحقيقي من الداخل، ومثله من الخارج، فهو عصي عن مواكبة التحوّلات الكبيرة في العلاقات الدولية، التي شهدتها الدول العظمى بعد نهاية الحرب الباردة. وهو ما سيكون مفصلياً في قلب الأوراق بالنسبة للنظام السوري سياسياً، واقتصادياً، ومالياً.
على أي حال، فإنّ الدعوة إلى الوقف الفوري لأعمال العنف، ومنع أي مظاهر مسلحة، ووضع حد لإراقة الدماء، واللجوء إلى الحكمة في معالجة الموقف، وإجراء الإصلاحات الجادة بما يكفل حقوق الشعب، ويصون كرامته، ويحقق تطلّعاته - مطالب مهمة -. فالشعب باقٍ، والدولة - أيضاً - باقية. وفي تقديري، أنّ النظام سيتغيّر، والترتيب لمرحلة ما بعد الأسد، والتركيز على عزل النظام السوري؛ لتحقيق الانتقال نحو الديمقراطية، باعتبار أنّ آليات الأزمة السورية - في الأساس - داخلية، هو السيناريو القادم، وهو المسعى الذي يتوافق مع القرارات الدولية، ومع إجماع الشرعية الدولية، - لاسيما - وأنّ الموقّفين - الروسي والصيني - سيضعفان في المرحلة المقبلة، وسيكون من الصعب التصدي؛ للقرارات الدولية الملزمة المحتملة ضد النظام، وقادته.
drsasq@gmail.com