يمثل عام 2011م عام انتعاش واستقرار لأسعار النفط العالمية بالرغم من العوامل الجويوسياسية الكثيرة التي كانت تتفاقم بين الحين والآخر في جميع مناطق العالم وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط المكتظة بحقول النفط التي تحتوي على أكثر من ثلثي احتياطيات العالم النفطية حيث ارتفع المعدل الشهري لسلة أوبك خلال السنة الماضية من 88.5 دولاراً للبرميل في شهر ديسمبر من عام 2010م إلى فوق 107 دولارات للبرميل في شهر ديسمبر من عام 2011م وهذا يمثل ارتفاعاً أكثر من 21%. الحقيقة أن أكثر المتفائلين في أسواق النفط العالمية لم يكونوا يتوقعون هذا الارتفاع في بداية السنة من ثم الاستقرار النسبي ابتداءً من شهر مايو إلى نهاية السنة وذلك بسبب استمرار تفاقم الأزمة المالية في بعض دول الاتحاد الأوروبي التي لم تُحل حتى هذا الوقت وخاصة في اليونان وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا والنمو الاقتصادي الخجول جداً في دول منظمة التعاون وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية واليابان. البعض يرجع هذا الارتفاع ومن ثم الاستقرار إلى العوامل الجيوسياسية ابتداءً بكارثة المفاعل النووي الياباني ومن ثم الثورات العربية المختلفة وأخيراً المخاوف من حدوث نزاع في منطقة الخليج العربي بين إيران والغرب بسبب برنامج إيران النووي الذي ما زال قائماً حتى هذه الأيام وسوف يستمر معنا في المستقبل القريب.
وأنا هنا لا أختلف كثيراً مع هؤلاء المحللين ولكنني أزيد على هذه التحليلات بالقول إن من أهم العوامل التي دعمت استقرار أسعار النفط خلال عام 2011م النجاح الباهر الذي ليس له نظير في التاريخ الحديث لمنظمة الدول المصدرة للنفط أوبك من خلال سياستها الإنتاجية بقيادة المملكة العربية السعودية التي أثبتت للعالم أجمع أن سياستها النفطية القائمة على ضمان استقراء أسعار النفط في الأسواق العالمية من خلال دعم إمدادات النفط وسد أي نقص طارئ من خلال توفير والحفاظ على سعة إنتاجية إضافية (قد تكون مكلفة جداً) ناجحة بكل المقاييس.
كنت قد كتبت في عدة مقالات سابقة أن منظمة أوبك سوف يكون لها اليد العليا في قيادة دفة صناعة النفط العالمية وضمان إمدادات النفط واستقرار أسعار النفط لما فيه مصلحة الدول المنتجة والدول المستهلكة على حد سواء. وهذا الدور سوف تزيد أهميته مع الوقت لتصبح منظمة أوبك القائد الأوحد لهذه السفينة على المدى البعيد.
يبقى توقعات الأسعار لهذه السنة الجديدة حيث يتحدث الكثير من المراقبين عن استمرار الأسعار فوق 100 دولار للبرميل خاصة إذا ما استمرت منظمة أوبك (كما هو متوقع منها) في تطبيق إستراتيجيتها الناجحة والفعالة.
الأمر الذي يهمنا هنا أن ارتفاع أسعار البترول في عام 2011م يمثل العامل الأهم في توفير سيولة زائدة للدول المنتجة للنفط وفي مقدمتها دول الخليج العربي والذي بدوره كان له التأثير الأكبر في ارتفاع ميزانيات هذه الدول وتوفير سيولة تدعم الارتقاء بالبنية التحتية لهذه الدول في جميع المجالات لتوفير الحياة الكريمة لشعوبها.
www.saudienergy.net