«كالمطر»..
قال «مَعين»: أنشأت لكِ أمي عنوانا افتراضيا...
ياه يا بني..
لم تسع الأرض بترابها، وبيوتها...،
بطينها، وحجرها، بزرعها ومائها..،
بشجرها وهوائها، عناوين البشر..
وبرزخ ينتهي إليه الإنسان..
وكوخ من تراب كان يدب عليه...
الفضاء بما فيه..
غيبه العميق..
سره الكبير..
مداه المستحيل..
للإنسان...
حلمه.. المتضخم..
يكبر خفقةً..
الإنسان...
طال، ولم تطل ساقاه..
انطلق لافتراض مكان يلم شعث أحلامه..
افترضه عالما خاصا به..
مفتوحة نوافذه.. أبوابه.. ثغراته..
خفيه.. ظاهره...
وفعل..
أسلم ذاته.. لغيب يحسبه علما..
لمجهول يظنه معرفة..
لسراب ينتهك طمأنينته لحظة خلل، أو هجمة زلل، أو انطفاء تيار..
أو سطو غالبٍ..
انبهر به غروره..
مارد الافتراض قضية إنسان العصر..
كنفه، وبيته, وعنوانه..
لكنه،
لا رائحة له كما رائحة تربة للتو ارتوت،..
داعبها نسيم فاهتزت الأزهار في أشجارها،
وغردت على الأغصان طيورها..
لا ملمس لظاهر طرسه، ولا باطن قرطاسه..
لكنه،
لا صدى فيه لنبض الفَرِحِ وهو يفشي بسعادته..
ولآهة الحزين وهو يلتاع بأساه..
ولأنين الشاكي وهو يبوح بوجعه..
ولألم الباكي وهو يتأوه بجرحه..!
مكان مفترض في غياهب الأزرة، ومرايا الشاشات، ودهاليز الملفات، وسراديب الصمت
لا حياة فيه «معين»..
كما السحابة الجافة.. تمشي في السماء يحسبها الظامئ حبلى، وهي عقيم..!
العناوين الناطقة..
رفيقة المحبرة،.. نزيلة القراطيس، نجمة الطرق.. قناديل البوصلات..
ربما هي الأقرب للحقيقة حين تنيخ القوافل عند أبوابها..
وتدب الحياة في الوجوه تستقبل
المطر..
والشجر..
والنسيم..
والوجوه..
وصوت النبض..
ودفء الكفوف..
حلم يا «معين» لكن:
على أي الأحوال نحيا مع الأحياء..
وعن قافلتهم لا نتخلف..
لا نترك فيها مقاعدنا فارغة..
ولا عناويننا مجهولة.