يعتصر قلب كل مراجع في بعض إدارات القطاع الحكومي والقطاع الخاص حين يدخل على أحد الأقسام الإدارية ليتابع معاملته ثم يفاجأ بكل موظف وهو ممسك بإحدى الصحف يقرأ فيها، وإذا سألته عن المعاملة رد عليك بعد فترة وبغلظة (راجعنا بكرة)، وتحاول إقناعه بسماعك والبحث عن المعاملة المرمية في سلة الحفظ منذ أكثر من أسبوعين على الأقل. فلا مجيب.
من ينصف المراجع من هذا الصنف من الموظفين ؟ ستقولون الرئيس المباشر، وهو الذي لا يخلو من التقصير في أداء عمله، فغالباً ما يقال لديه اجتماع أو مكالمة مهمة، فتجلس تنتظر ساعات لعل الاجتماع ينتهي ثم تفاجأ بوقت الصلاة قد حان، فيقول مدير المكتب: ارجع بعد الصلاة، تسلم الأمر لله ثم تعود بعد الصلاة، وتنتظر حتى الواحدة والربع وصلاة المدير لم تنته بعد، وبعدها يأتي سعادته وأحياناً يدخل من باب خلفي لا يراه أحد، وأنت تنتظر، ثم تفاجأ بعبارة (انتهى الدوام يا أخ) فتقول آتي غداً، فيقال لك لا المدير عنده سفر تعال بعد أسبوع، وهكذا الحال والمعاناة من بعض الإدارات، والسبب في كل ذلك قراءة جريدة وموت ضمير، نعم بعض الجهات الحكومية لا توزع الصحف إلا في نهاية الدوام الرسمي، وهذا حسن كحل أولي لهذه المعاناة، ويا ليت هذا يعمم على جميع القطاعات الحكومية والخاصة.
أما الحل الأمثل فهو يقظة الضمير لدى كل موظف - رئيس ومرؤوس -، فالعمل أمانة والمماطلة في أدائه خزي وندامة، وهذا الإهمال والتقصير نوع من الفساد الإداري، إذ الفساد الإداري لا يقتصر على الاختلاس من الأموال فحسب، بل ربما التقصير في العمل أشد، لأن الاختلاس يقتصر على فاعله، أما الإهمال والمماطلة في إنجاز العمل فيتضرر به خلق كثير، وأذكر إخواني الموظفين بحديث (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه). - والحديث ضعفه البعض لضعف أحد رواته وهو مصعب بن ثابت، لكن الألباني صححه ومعناه صحيح وله شواهد - وبالحكمة القائلة (لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد).
لعل هذه الكلمات تجد آذاناً صاغية، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.
المعهد العالي للقضاء
dr-alhomoud@hotmail.com