قبل أيام أقيم معرض لفنون الميديا أعدته ونظمته وكالة الشئون الثقافية بوزارة الثقافة، ضمن برامج تطوير خطط معارضها لتتوازى مع متطلبات الواقع التشكيلي العالمي والاستفادة من قدرات التشكيليين المحليين من أصحاب الإمكانيات.. فكرًا وتقنيات، فكان لهم أن أقر هذا المعرض.
والواقع أن عالم الميديا يمنح الكثير من الفرص للمشاركة لمن يراها في حدود العبث والتجارب الوقتية التي لا تتكئ على ثقافة ووعي بأبعاد هذا التوجه ومفهوم توظيف الوسائط في التعبير، شأنها شأن الفن التجريدي الذي أصبحنا نرى مؤخراً أعمالاً أدرجت تحت عنوانه لا تمت إليه بصلة أو تتطابق مع مفهومه والقيم الفنية التي يحققها الفنانون الحقيقيون في مجال التجريد أو الرمزية العائدون من تجارب وخبرات أكاديمية أو مراحل طويلة في بناء العمل، ولهذا أصبحت ساحة المعارض مجالاً للغث أكثر من الثمين يتلقى العابثون بالفن التجريدي الترحيب والإشادة من أصدقاء أو إعلاميين لا يعون في العمل الفني سوى اسمه، حتى تكاثرت وتوالدت تلك الأعمال ومنح أصحابها جوائز اعتذر المحكمون لها بـ(الجود من الموجود).
نعود للميديا، الفن الأسهل عند البعض، والأصعب والأهم عند البعض الآخر، وبين هذا وذاك مسافة قصيرة لا يلاحظها أو يفصلها المشاهد العادي الذي يرى أن ما يعرض أمامه يخص صاحبه أكثر مما يعنيه، أما المشاهد المتابع للفنون والعارف بما يعنيه الفن المفاهيمي أو فنون الميديا وما تحمله من أفكار وقضايا بعضها يغلف بورق الوسولوفان الجميل الجذاب، يبطن أكثر مما يظهر والبعض الآخر مكشوف كالحلوى في أزقة شعبية لا تخلو من الغبرة والحشرات، ومع ذلك لها محبون ومتذوقون، أما الأصدق فهي التي لا تشبه أي من الأعمال السابقة مع ما يحملها من غموض محبب لا يحجب الرؤية ويمنح الفرصة للرأي.
هذه الفنون التي منحت معرضاً خاصاً، فيه ما فيه من القصور، يحمل أملاً في أن ينبت لنا في المستقبل الكثير من الأعمال الجيدة على أن يضع المنضمون له العين على الأفضل، فهناك من سيرى فيه سهولة ومجالاً للدخول إلى عالمه.. لكن بما يفسد فكرته أو يحمله على التأويل.
monif@hotmail.com