عندما اطلعت على توصيات الملتقى شابتني جملة من السرور؛ لكون تلك التوصيات تلامس حقيقة المعاناة التي يعانيها المثقف، وتفتح الطريق أمام الأجيال القادمة من المبدعين وتمهده؛ ليبدعوا منتجًا إبداعيًا عالميًا نتفاخر به بين الأمم، بيد أن هذه التوصيات ما زالت حبرًا على ورق إلى حين إقرارها وتنفيذها على أرض الواقع،
وإلا ستكون مثل سابقاتها من التوصيات في الملتقى السابق حيث لم يُنَفَّذ منها قيد أنملة.
الحقيقة؛ إن الجميع اتفق على أن الثقافة في بلادنا الحبيبة تحيا حياة تخبطية، شأنها شأن ذلك الفارس الفذ الذي دخل ميدان المعركة بأدوات وأسلحة تقليدية؛ لينافس الآخرين الذين هم مُدَجَّجُون بكامل الأسلحة وتقنياتها الحديثة، ويُطْلَب منه في النهاية أن ينتصر..!!
أما عن جلسة الفن التشكيلي -وهذه ما تخصني-؛ كوني فنانًا تشكيليًا، فأجدها أشبه بطبق الفاكهة الصناعي البلاستيكي، يعجبك شكله لكنه خالٍ من النكهة والمذاق، كما قال الشاعر «ومن الورق يصنعون أزهارًا وردًا صناعيًا وصدقته». في أثناء مداخلة الدكتور صالح الزاير تفنن وأبدع في نقد إدارة جمعية التشكيليين، فتارة يرمي اللوم على إدارة المجلس وتارة أخرى على الدعم المادي والتشكيليين ذاتهم، وقد نسي أو تناسى أن الجمعيات عبارة عن تجمعات مدنية، ووزارة الثقافة لم تستوعب ذلك إلى نهاية هذا الملتقى، ولم تقر بدعم التجمعات المدنية الثقافية؛ لأن التجمعات المدنية هي التي يتوقف عندها الآخرون من حيث التطور الإداري الثقافي، وكان بودي لو أدان الدكتور الزاير الوزارة بذلك؛ لأن الجمعيات بنيت على نظام المطبوعات والنشر، وهذا لا يتناسب مع آلية التجمعات المدنية، بيد أنه طُرح على مجلس الشورى آلية كاملة عن التجمعات المدنية غير الربحية، ولم يقر إلى الآن لأسباب لدى (س) من الناس..!! أما الدكتورة مها السنان فطرحها جميل وقيم؛ حيث إن المنجز التشكيلي له قيمة مادية، لا تجرده من قيمته الثقافية الحقيقية، وتكون مسافة بين الرسماليين والتشكيليين ليعرف كُلٌّ منهم مكانه، وبمجرد امتزاج وسيطرة التاجر على المنتج التشكيلي يُجَرَّد من قيمته الفكرية والثقافية، ويكون بذلك مثله مثل أي منتج تجاري، ولو تطرقت الدكتورة السنان في ورقتها إلى المقتنين السعوديين وطلبت من رجالات الدولة من الأمراء والمسؤولين اقتناء أعمال تشكيلية بالفن المعاصر لكونهم قدوة للمجتمع السعودي وجزءًا مهمًا من هذا الكيان، وبذلك ترفع درجة الذائقة البصرية ومفهوم الاقتناء، لوضعت اليد على مكان الألم..!!
أما الأستاذ أحمد فلمبان فلم يسعفه الوقت لطرح كل ما لديه، وكان الضغط مباشرًا من الدكتور الرصيص، ومن خلفه الأستاذ محمد نصر الله ليفسح المجال لجلسة أخرى طارئة، ولكن السؤال هنا لو كانت هذه الجلسة تخص شأن الأدباء فهل يتجرأ الأستاذ محمد نصر الله على قطع جزء منها لمجال آخر؟!
أما رد الأستاذ محمد نصر الله فكان مباشرًا وسريعًا، حيث نوه على الدكتور الرصيص بأن يجمع التشكيليين تحت أي مسمى، مثلهم مثل مؤتمر الأدباء وملتقى الكُتاب.
jalal1973@hotmail.com