بنهاية أي مؤتمر أو لقاء يضم علماء أو باحثين يكون السؤال الحاضر من الغالبية عن أبرز النتائج المتحققة والقيمة العلمية والإضافة التي أحدثتها المناسبة في الحراك العلمي أو الثقافي, وكذلك أبرز الإيجابيات والسلبيات, وأهم التوصيات لتطوير اللقاءات القادمة وتجاوز الأخطاء.
في الأسبوع الماضي اختتمت فعاليات الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين الذي أعيد تنظيمه بعد انقطاع دام سبع سنوات، وعلى مدى أربعة أيام حرك هذا الملتقى بعض المياه الراكدة في الشأن الثقافي وتسبب في خلق ردود أفعال اجتماعية متباينة حول جدواه وقيمة نتائجه, وتشكر وزارة الإعلام لمبادرتها في تنظيم الملتقيات ومعارض الكتاب مع الأمنية أن تكون عدسة المنظمين فاحصة مستقبلاً لاختيار من يكون في حضورهم إثراء وإضافة نوعية, وارتقاء بمستوى الأوراق والتجارب المقدمة مع التركيز على الإبداعات الجديدة.
كما شاهدت من خلف الشاشات أو قراءات غابت للأسف عن الملتقى رموز ثقافية لها وزنها وثقلها في المشهد الثقافي السعودي ولا أريد أن أحدد أسماء معينة، ووجدت أن أغلب الأسماء التي ظهرت صورهم بكثرة على الشاشات وأيضاً لا أريد أن أحدد مكررة ألفنا ظهورها في كل مناسبة لوزارة الثقافة والإعلام بل إن بعضهم قد بات ماركة مسجلة لمثل هذه اللقاءات, وصرنا نشهد بأنفسنا أنه لا يوجد معايير محددة لاختيار المشاركين بأوراق أو المشاركين بمداخلات أو الحاضرين من الإعلاميين لتغطية الحدث بل إن أغلب من يدعون هم من يتعلقون بالثقافة بقشة, ولا يضيف حضورهم جديداً للساحة الثقافية سوى تحويلهم الملتقي لاحتفالية يعرضون فيها أنفسهم ويتبادلون الكروت ويقضون أوقاتهم بالأحاديث الجانبية والنقد والتسلية وكأنهم قد حضروا للسياحة والتنزه, وقضاء وقت ممتع يكسرون فيه روتينهم المعتاد.
عند توجيه الدعوات كان على المنظمين أن يحددوا من هو المثقف الجدير بالحضور, هل هو من يحيط بشمولية غير متعمقة بشيء من العلوم والفنون والآداب والصنائع, أو حتى من يبرع في فن من الفنون المتنوعة كالرواية والقصة والشعر والإلقاء والخطابة, أم أن المثقفين من شاهدناهم على الشاشات وفي الصفحات الثقافية أو اليوتيوب وهم خليط منوع من الكتاب والمراسلين المبتدئين وعدد قليل من المميزين, نفس الوجوه تتكرر في كل مناسبة لوزارة الثقافة فهل للمحسوبيات والعلاقات الشخصية دور؟ أم هو عزوف من كبار المثقفين ما دعى الوزارة لإرسال الدعوات دون تقنين لضمان الحضور؟ أم أن المنظمين لا يجهدون أنفسهم بالبحث عن المثقفين السعوديين, ولم يعدوا قاعدة معلومات تحدّث باستمرار عنهم؟
لا بد أن يفصل بين من صبغة عمله إعلامية بحتة, ومن يتعاطى الثقافة ويمارسها, فالإعلامي يحضر مثل هذه اللقاءات كي يرصد وقائعها ويطرحها في وسيلته أما المثقف فمشاركته هي الأساس سواء بتقديم أوراق عمل أو تجارب إبداعية أو أعمال أو مداخلات تثري محاور الملتقى.
الواضح من مجريات ملتقى المثقفين أن الأمور قد اختلطت، فالإعلامي مارس دور المثقف، وقدم بعض الإعلاميين أنفسهم بوصفهم من رموز الثقافة، وتقافز بعض المثقفين أمام الكاميرات ليديروا اللقاءات وكأنهم إعلاميون بالفطرة. قد يكون المثقف إعلامياً لكن العكس ليس صحيحاً في كل الأحوال. هذه الفوضى تخلق الارتباك, وغياب الرموز الثقافية من كافة الأطياف تفرغ الملتقى من محتواه وبما يفضي به إلى نتائج هزيلة لا تكافئ الميزانيات المصروفة ولا الجهود المبذولة.
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15