كلما مرت من أمام الباب، يجتذبها الثقب الذي صنعته هناك لتطل على ابنها المريض.. ثم تتابع طريقها نحو المغسلة، تمسك قطعة الصابون في حنان. تفرك يديها.. هذه المرة حين أمسكتها لم يتبق في يدها غير الزبد.. رغوة بيضاء زئبقية.. تأمّلتها بهدوء بينما كان صوت واهن يدغدغ سمعها:
ماما ماما
الملَكة
انتقلت مع أسرتها إلى بيتها الجديد في حي راقٍ بطرف المدينة.. كادت تفقد صوابها كلما أمسكت بالقلم.. الحروف عالقة في مكان ما.. جُن جنونها فكسرت قلمها... وبعد شهر حين ذهبت لبيتها القديم لتسلم مفاتيحه للمشتري الجديد، وجدت قلمها القديم ينزف فوق سطح المكتبة...
زرع وحصاد
قضى يومه يغرس حقده على الورقة؛ كان يكتب تقرير الفصل بكل حواسه والغبطة تشع من عينيه.
في اليوم التالي وجد على سطح مكتبه ظرفاً من الإدارة العليا كتب عليه: تقديراً لجهدك قررنا منحك النسخة الأصلية.
صمت وبَعد
تناول ريشته بعد أن أصيب بنوبة ذهول؛ رسم طفلاً بلا ملامح ؛ ناوله غصن زيتون ليلوح به... سالت منه قطرة زيت ساخنة ممزوجة بقهر صامت... فأتلفت اللوحة.
صيد وفير
ما إن تبزغ الشمس حتى يهرول إلى عمله.. يجلس أمام الشاشة.. ينتظر اللحظة ليخترق جهاز إحداهن باحثاً عن أسرع الطرق وأحدثها في صيد الأسماك...
يرمي بشباكه العنكبوتيةّ، فيوقع سمكة أو اثنتين أو ربما أكثر...
هذا الصباح تمزقت الشبكة.. وجد نفسه يسبح بين مجلداته وكتاباته، التي خزنها في حاسوبه قبل أن يخرج من منزله.
سمر حجازي