أدى التركيز التنموي سابقاً على ما سمي بالثالوث التنموي، الرياض وجدة والدمام، إلى أن تكون هناك مناطق أقل نمواً. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود سباقاً إلى التنبيه إلى ذلك عندما زار منطقة جازان، بعد توليه الحكم، وأشار إلى أنها لم تحظ بنصيبها من التنمية. ولذلك كان من الضروري تغيير أسلوب إدارة التنمية، وإعادة هيكلة الإنفاق الحكومي التنموي بحيث توزع المشروعات التنموية على كافة مناطق المملكة العربية السعودية، حتى يمكن تحقيق التوازن التنموي. ولعل خطوة صندوق التنمية الصناعية السعودي برفع نسبة الإقراض على المشروعات المقامة في المناطق الأقل نمواً إلى 75% من رأسمالها، تأتي في هذا الإطار. وهذا من شأنه أن يحول المناطق الأقل نمواً إلى مناطق جذب بعد أن أصبحت مناطق طرد. ولعل ذلك يتضح أيضاً في إنشاء الجامعات الجديدة. والمناطق الأقل نمواً يمكنها أن تحقق نقلة نوعية للاقتصاد السعودي وتزيد من القيمة المضافة، إذا تم استثمار مواردها المتاحة وتفعيل الاستثمارات فيها، وهو ما سينعكس بالضرورة على كافة القطاعات الاقتصادية، ويسهم في خلق فرص العمل التي ترتبط بشكل مباشر بالقدرة على خلق الوظائف. والمناطق المكتظة بالسكان، مثل مناطق الجنوب، لديها ثروة بشرية فاعلة يمكن استثمارها وتوطينها في المنطقة إذا تم توجيه بعض المشروعات التنموية إليها. ومن شأن هذا الإجراء أن يؤدي بالضرورة إلى زيادة وتيرة استثمار بقية الموارد الاقتصادية المتاحة في المنطقة. إن عناصر الإنتاج تتكامل مع بعضها إذا وجدت بيئة استثمارية جيدة، وفي تكاملها تتحقق التنمية الاقتصادية المتوازنة.
(*) رئيس دار الدراسات الاقتصادية – الرياض