|
الجزيرة ـ د. حسن الشقطي :
فهم سوق الأسهم دائما في الماضي يمكن من فهمه والنجاح في الحاضر والمستقبل .. وحتى الآن لم يستوعب الكثيرون التغيرات الكبيرة التي طرأت على سوق الأسهم خلال 2011م، فرغم أن المؤشر أنهى العام على قيمة 6418 نقطة، ورغم أن الكثيرين يرجحون فكرة الترميم للمؤشر في نهاية العام، حيث أنه بدأ يصعد بقوة فجأة في نهاية العام، وخاصة خلال الأسبوعين الأخيرين .. ولكن توقع إعلان ميزانية ضخمة وإيجابية يعتبر كفيلا بتبرير هذا الصعود المفاجئ .. إلا أنه مع ذلك، فإن المتداولين الذي يعتقدون أن المؤشر قد تم ترميمه قد يكونون على حق، لأن المؤشر استهلك عام 2011م كله، وحتى فترة ما بعد الربيع العربي، استهلك هذه الفترة وهو يسجل تراجعا بنسب كانت تفوق 7%، ولم يستطع تعويض نصف هذه الخسارة إلا في الأسبوعين الأخيرين من العام الماضي .. وإذا كان هذا هو الجانب السلبي في رؤية المتداولين، فإن الجانب الإيجابي يتمثل في أن السوق يعتبر من أوائل الأسواق العربية التي أحرزت تفوقا بالقيمة والكمية في عام 2011م مقارنة بعام 2010م .. فعلى المستوى السنوي ارتفعت القيمة المتداولة من 759 مليار ريال في 2010م إلى 1099 مليار ريال في 2011م، أي زادت بنسبة 44.8% .. إلا إننا لو حسبنا معدل هذه الزيادة في نهاية السنتين، سنلاحظ أن القيمة المتداولة ارتفعت بمعدلات أكبر كثيرا .. فالقيمة المتداولة زادت في ديسمبر 2011م بنسبة 81.1% عن مستوى ديسمبر 2010م، كما أن الكمية المتداولة زادت بنسبة 88.1% خلال نفس الفترة.
المقارنة الأكثر واقعية
رغم أن المقارنات السنوية هامة، إلا أنه في عام مثل2011م قد يكون من المفضل مقارنة نهايات العام مع نهايات العام في العام السابق، ولعل شهر ديسمبر يعتبر مفضل في المقارنة .. لأنه يعزل تأثير العناصر السلبية التي انتهى تأثيرها .. وبالنسبة لحركة التداول أيضا يفضل المقارنة بعنصر الشراء أكثر منه للبيع، لأن الشراء يدلل على قوة الطلب في السوق.
تغيرات هامة بجنسية المتداولين في 2011
يعتبر 2011م من الأعوام المضطربة على الساحة العربية، ويعد هذا الاضطراب اختبارا لتماسك الاستثمارات الأجنبية بأسواق الأسهم ..وقد سجلت حركة التداول حسب الجنسية تغيرات مثيرة في هذا العام، حيث تراجعت استثمارات كافة شرائح الأجانب من 6.9% في ديسمبر 2010م إلى 3.2% في ديسمبر 2011م .. وتعتبر استثمارات الخليجيين بالسوق السعودي هي الأعلى تراجعا، حيث انخفضت من 3.2% إلى 0.7% خلال نفس الفترة .. كذلك سجلت تداولات الأجانب غير المقيمين تراجعا ملحوظا عبر اتفاقيات المبادلة من 2.1% إلى 0.7% .. حتى صناديق الاستثمار والشركات السعودية سجلت هي أيضا تراجعا ملموسا ما بين ديسمبر 2010 و2011م .. والأمر المستغرب أن الأفراد السعوديون قد سجلوا زيادة هامة من 83.2% إلى 90.7%، وهو أمر يعزز جانب مراجعة سياسات جذب وترغيب الاستثمارات الفردية السعودية التي لا تزال هي صلب حركة التداول بالسوق.
المفاضلة بين الحفاظ على المستثمر الحاضر أو جذب الغائب
جهود هيئة السوق لا تزال تسير في طريق فتح السوق أمام التداول المباشر للأجانب، ولو حسبنا نسبة السياسات الموجهة للوصول إلى هذا الهدف سنجدها تزيد على 80% من إجمالي سياسات الهيئة، بل إن الإنفاق الأكبر في برامج وإصلاحات سوق الأسهم معظمه يتوجه لخدمة هدف تهيئة السوق للانفتاح التام أمام استثمارات الأجانب .. ورغم أن هذه التوجهات بدأت منذ 2006م تقريبا، إلا أن أرقام وإحصاءات التداول تدلل على أن نجاح السوق يسير في اتجاه آخر، وهو استمرار للاتجاهات السابقة وهي نجاح المستثمرين السعوديين الأفراد كأعلى مساهمة بالسوق .. فمساهمة كافة الأجانب (خليجيون وعرب ومقيمين وغير مقيمين) كلها لم تتجاوز نسبة 3.2% في ديسمبر 2011م، وتعتبر هذه حصيلة جهود فترة طويلة من الإصلاح والانفتاح والتهيئة لسوق الأسهم .. وهذه النسبة قد يكون هناك العديد من المستثمرين الفرادى يتداولونها بالسوق في سنوات معينة .. والسؤال الذي يطرح نفسه على ساحة الاستثمار الأجنبي ليس بسوق الأسهم فقط ولكن على مستوى ساحة الاستثمار بالسوق المحلي ككل .. هو : هل من المجدي بناء السياسات الاستثمارية على جذب الغائب المجهول من المستثمرين أم بناؤها للحفاظ على المستثمرين الحاضرين القائمين؟ أيهما أسهل وأيهما أكثر ضمانا؟ بالطبع تقوم أولويات الرشد الاقتصادي على وضع كافة الضمانات للحفاظ على المستثمرين الحاليين بالسوق، ومن ثم جذب المستثمرين السعوديين بالخارج، وكأولوية ثالثة جذب المستثمرين الأجانب بالخارج .. كذلك الحال بالنسبة لجذب استثمارات الشركات المؤسسية بسوق الأسهم، حتى الآن لا تدلل على الإحصاءات على إحراز المستهدف فيها.