في تلك البلدة الجميلة كان يسكن ذلك الفتى الرائع المتميز بين أهلها جميعاً رغم صغر سنه، حيث كان يبلغ (ثمانية عشر عاماً) كل أهل القرية دائمي الثناء عليه، يحتل المركز الأول في المدرسة.. والمسجد حتى في أوقات اللعب حينما يلعب مع شباب القرية يخرج فائزاً بالمركز الأول في العمل التطوعي.. الأول في الصدقة.. في كل شيء يحتل ذلك المركز ولن يتنازل عنه، حتى وصل الأمر إلى أنّ الجميع كان يستشيره.. ويشعر أنّ خلف ذلك.. النجاح سر؟ «حتى جاء ذلك اليوم وفارق هذا الفتى الأبي القرية بل.. الحياة أجمع ولكن ببصمة جميلة جعلت كل أهل القرية يذكرونه ويبكون عليه»، وفي إحدى تلك الليالي الحزينة التي كان يقضيها أهل القرية.. بألم على فراق ذلك الفتى الفذ، جلس شيخه في المسجد في الثلث الأخير من الليل على سجادته ويدعو له لفراق تلميذه المجد وصاحب الخلق حتى نام، فرأى في المنام ذلك الفتى بحلة جميلة كان وجهه كالقمر وفي يديه ذلك المفتاح.. تعجّب الشيخ: وقال بني كم اشتقنا إليك.. كيف حالك.؟؟
أجاب الفتى بنبرة صوته الشجي: شيخي أنا بأفضل الحال والحمد لله..
قال الشيخ: عجباً بني أراك تحمل هذا المفتاح؟ أخبرني ما الخبر؟؟
قال الفتى: شيخي جئت إليك اليوم لأفصح عن سر نجاحي الذي لطالما سمعت أهل قريتي يتحدثون عنه! السر خلف هذا المفتاح الذي به فتحت تلك الأبواب .. ما الذي تقصده يا بني..؟؟ سأل الشيخ.
فأجاب الفتى: المفتاح الذي يشعر الكثير اليوم أنه ضاع من بين أيديهم، ولكن والله إنهم في وهم كبير فالمفتاح لم يضع لأنه معهم..
ذلك المفتاح الذي به وصلت.. وبه سطرت تاريخي.. إنه مفتاح الهمة تلك التي قيل بها إنها خروج النفس إلى غاية كمالها الممكن لها في العلم والعمل، وتلك التي قال بها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «لا تصغرنّ همتكم؛ فإني لم أر أقعد عن المكرمات من صغر الهمم».. نعم فبالهمة نصل لأنها هي المفتاح الذي نفتح به كل الأبواب، قل لهم جميعاً يا شيخي الغالي أن يخرجوا ذلك المفتاح الذهبي ويطلقوا عنان أفكارهم وأقلامهم وقبلها نفوسهم إلى كل شيء يرقى بهم بأمتهم عالياً.