التقييم نوع متقدِّم من أنواع الرقابة ووسيلة مهمة من وسائل قياس الأداء، ودافعٌ واضحٌ للعمل والإنتاج الفردي والجماعي، الحاجة إليه قائمة لا تنتفي مهما وصلت درجة الإتقان في العمل تزيد مع زيادة مؤشرات الانخفاض في الإنتاجية والتسيب في الأداء والإهمال في العمل والفساد في الإدارة.
خلال الفترة القريبة الماضية، دشنت إمارة دبي مشروعاً لتقييم الإدارات الحكومية على مستوى الأداء والخدمة والتعامل مع الجمهور، من خلال اعتماد معايير صارمة للتقييم، كانت نتيجتها منح بعض الإدارات والأجهزة الحكومية، تقييماً عالياً في مستوى الخمس نجوم والأخرى أقل وهكذا، وكانت نتيجة التقييم الأشبه بتقييم الفنادق، توضع في مدخل الإدارة الرئيسي بشكل بارز ليراها كل من تطأ قدمه هذه المنشأة، حيث يجري التقييم بصفة دورية، فيمكن رفع أو تخفيض الدرجة في أي وقت تبعاً لأدائها وإنتاجيتها.
فوائد هذا المشروع لا تنحصر في معرفة تراتبية الإدارات على سلم النجاح، فهو يفتح باباً للتنافس الشريف بين المنشآت والإدارات الحكومية، ويدفع الإدارات المتأخرة والمقصرة في مجالات معيّنة لتلافي القصور، ويمثل حافزاً للمتميّزين للمحافظة على تميُّزهم والاستمرار في طريق التميز والتطوُّر، كما أن تقييم منشأة ما وإن كان يعني بالدرجة الأولى الإدارة العليا لهذه المنشأة، إلا أنه ينسحب على إدارتها وموظفيها وفلسفتها الإدارية ووحداتها المختلفة.
أقترح تطبيق مثل هذا التقييم على مستوى المناطق أو المدن في المملكة، بحيث توضع معايير صارمة تراعي البيئة المحلية، وتستفيد من التجارب العالمية، توكل مهمة تطبيقها إلى لجنة متخصصة، يتم تغييرها دورياً مكوّنة من نخبة من أساتذة الجامعات وموظفي القطاع العام والخاص والكتّاب والمثقفين وأهالي المدينة أو المنطقة، وأن يكون التقييم سنوياً وتنشر نتيجته وتوضع على مدخل كل إدارة أو منشأه يشملها التقييم، وأن يتم تكريم المنشآت الفائزة بالمراكز الأولى والاحتفاء بها وبمسئوليها والإشادة بمنجزهم، ومن يحافظ منهم على التميز، أو يتقدم ترتيبه على نحو لافت، يتم تكريمه على نحو خاص.