سوف يتميز معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام عن الأعوام السابقة بـ «جائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب».. وهي جائزة تقَدّم لعشرة كتب في الفنون واللغة والأدب والمجالات الفكرية والفلسفية والعلوم الاجتماعية والتربوية والنفسية والعلوم التطبيقية والمجالات الإدارية والاقتصادية.
هذه مبادرة مهمة كانت الأوساط الثقافية تنتظرها منذ وقت طويل.. فعلى الرغم من وجود جوائز أخرى، للإنتاج الثقافي في المملكة، تُمنح من جهات أهلية ورسمية عديدة تحت مسميات مختلفة فإن وجود جائزة من وزارة الثقافة يضفي أهمية مضاعفة للمنتج الثقافي بحكم اختصاص هذه الوزارة بالثقافة تحديداً.
في مقال سابق أشرت إلى تحفظ البعض على إنشاء وتشكيل وزارات للثقافة والإعلام ضمن الهيكل الإداري الحكومي في أي بلد وذلك لكي لا تتم «قولبة» الثقافة ضمن مقاسات رسمية تقتل العملية الإبداعية.. ومع تفَهُّم هذا الرأي إلا أن تشجيع المثقفين عبر تقديم جوائز للأعمال الفكرية والثقافية المتميزة التي ينتجونها هو أمر إيجابي ومطلوب.
نحن نُفاجأ عندما نزور بعض البلدان، التي تقل إمكاناتها الاقتصادية والثقافية عما لدينا، بوجود جوائز للكِتاب في شتى الحقول ونتساءل عن سبب تأخرنا في هذا المجال. ربما يكون أحد الأسباب، في السابق، عدم وجود ثراء ووفرة في مجال التأليف والإنتاج الفكري.. لكنني أظن أننا تخطينا تلك المرحلة منذ وقت طويل.. وها نحن نرى حقل الرواية وحده، على سبيل المثال، يحقق قفزة في عدد الإصدارات بما يصل إلى مائة رواية خلال العام المنصرم.
سوف يُصاحب منح جائزة الكتاب، كالعادة، جدلٌ حول أهلية بعض الفائزين ومدى استحقاق وأهمية الكتب الفائزة.. لكن ذلك شائع في كل مكان تُمنح فيه هذه الجوائز. وقد يكون في مثل هذا الجدل إثراء للحياة الثقافية، فيجب أن لا نستاء من ذلك.. فنحن نتابع كل عام الجدل الذي يصاحب جائزة «بوليتزر» التي تُقدم في أمريكا لأفضل عمل في عدد كبير من الحقول الثقافية والأدبية والفنية والإعلامية.. وهذا لم يؤثر على مصداقية هذه الجائزة أو أهميتها.. بل إن جائزة نوبل نفسها لا تسلم من الجدل - بما في ذلك تهمة التسييس - ومع ذلك لم يؤثر هذا الجدل على الجائزة فهي لا تزال الحدث الأبرز ثقافياً في العالم.
بعض توصيات الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين ذات صلة بهذا الموضوع، وخصوصاً التوصية الحادية عشرة التي دعت إلى إنشاء هيئة عامة للكتاب والمكتبات العامة، والتوصية الخامسة عشرة التي دعت إلى تأسيس جوائز تقديرية وتشجيعية تمنحها الدولة في مختلف مجالات الآداب والفنون والثقافة. نرجو أن نرى، مع بدء فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب الذي سيُقام في الثالث عشر من ربيع الآخر، بعض هذه التوصيات وقد خرجت إلى النور لتكون بمثابة بشرى جميلة تزفها وزارة الثقافة والإعلام بهذه المناسبة الثقافية الكبرى التي نترقبها كل عام.
alhumaid3@gmail.com