عندما يتجاوب إداري بحجم وزير الدفاع سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز مع ما نطرحه من رؤى تهدف للصالح العام فإن ذلك يجعلنا نفخر بأن هناك صدى لما نطرحه. لا ندعي بأن ما نطرحه هو الحل الوحيد دائماً، لكننا نسخر تجاربنا ورؤانا المستمدة من ملاحظات ودراسات مؤملين أن يكون فيها الفائدة لوطننا العزيز.
وقد كان لتفاعله -حفظه الله- مع ما طرحته سابقاً حول وزارة الدفاع ولكلماته المحفزة أبلغ الأثر وخصوصاً في ظل إحجام كثير من القطاعات للتفاعل مع ما نطرحه من آراء.
ولعلني استمد الهمة من ذلك التحفيز والفخر بتجاوب سموه لأطرح وجهة نظر متخصصة حول ما يتم تداوله حالياً من فكرة إنشاء مستشفى جديد للقوات المسلحة بحجم 3500 سرير كما أعلن في وسائل الإعلام.
الفكرة تبدأ بالسؤال ما هو الحجم المثالي للمستشفى لتتم إدارته مستقبلاً بشكل فعال ومثالي؟ في كندا يعتبر مستشفى فانكوفر العام أكبر مستشفى وعدد أسرته 955 سرير (أتحدث عن مستشفى في موقع واحد وليس منظومة صحية كمستشفيات تقع في أكثر من موقع) وفي المملكة المتحدة يعتبر أكبر مستشفى هو مستشفى كوينز ميدكل سنتر ببرمنجهام ويبلغ عدد أسرته 1300 سرير وفي الولايات المتحدة يعتبر مركز بتسبرق الطبي التعليم أكبر مركز بسعة 1601 سرير (مركز كورنيل الطبي يبلغ 2272 سرير لكنها ليست في موقع واحد).
المستشفى ليس مجرد غرف تنويم يسهل بناؤها بل هو عملية معقدة تشمل عيادات داخلية وخارجية وحركة مرضى وموظفين وخدمات مساندة وأنظمة مالية وإدارية وغير ذلك من المكونات التي تجعل المبالغة في حجمه الإنشائي مقدمة لصعوبة في إدارته وإرهاق حتمي للقائمين عليه والمراجعين له والمستفيدين من خدماته.
بمعنى آخر إنشاء المستشفى يجب أن يأخذ في الحسبان الكفاءة والفاعلية والقدرة البشرية والاقتصادية في إدارته وأعتقد أن الخدمات الطبية بالقوات المسلحة لديها خيارات أفضل لتطوير خدماتها وتوسيعها من إنشاء مستشفى ضخم بهذا الحجم وفي بلد عدد سكانه لن يصل للخمسين مليوناً خلال الخمسين سنة قادمة.
الحلول الأفضل أراها تتلخص في عمل الخدمات الطبية بالقوات المسلحة كمنظومة صحية حقيقية.
وللتوضيح، فإن المقصود ليس وجود إدارة مركزية ضخمة كما هو موجود حالياً بقدر ما هو تكامل الخدمة بوجود نظام صحي واحد للمراجع بجميع مستشفيات الدفاع الطبية وتفعيل آلية المستويات الصحية في الخدمات الطبية التي تتدرج من الرعاية الأولية فالثانوية فالتخصصية.
الحل الثاني يتمثل في تطوير مستشفيات وزارة الدفاع بالمناطق المختلفة بدلاً من التركيز على مركز الرياض فقط.
دون أن ينزعج الزملاء بالخدمات الطبية بوزارة الدفاع مستشفيات الدفاع في الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية لا ترتقي إلى مستوى المستشفى العسكري بالرياض ولا يوجد منظومة رعاية أولية فعالة لدى الخدمات الطبية بالقوات المسلحة.
وزارة الصحة والقطاعات الصحية الأخرى تحتج بصعوبة تشغيل مراكز متخصصة في الأطراف بسبب عدم وجود الكوادر لكن القطاع العسكري ليس له حجة في هذا الأمر لأن الموظف العسكري يجب أن يعمل في أي مكان يختاره مرجعه، فلماذا إذاً لا يصبح لدينا مستشفيات عسكرية بالمناطق الرئيسة بحجم مستشفى الرياض؟ هي وجهة نظر أرجو أن يدركها المخططون للخدمات الطبية بالقوات المسلحة وأن يستفيدوا من تجارب الدول المتقدمة في هذا الشأن، ومن تجارب القطاعات الأخرى التي توسعت بشكل مبالغ فيه فأصبحت تعاني إدارياً وتنظيمياً وتعاني في مستوى الجودة التي تتدنى يوماً بعد يوم.
malkhazim@hotmail.com