استطاعت وزارة التربية العودة لمشروع التوطين عن طريق أنظمة نقل المعلمين والمعلمات، وحصل ذلك وإن كانت لم تعلن ذلك صراحة، وإن كانت لم تقل نسعى للتوطين «حسب علمي»، ولحقتها وزارة التعليم العالي بنشر الجامعات والكليات. وبعد هذا التنويه سأتناول الموضوع من وجهة نظر أخرى.
وزارة الشؤون الاجتماعية ليس لها دور بارز تجاه ما يحدث للمعلمات والطالبات في الطرق من حوادث وموت وإصابات، وربما يرد البعض: ما شأنها بذلك وأقول: إنها معنية بالشؤون والتغيرات الاجتماعية، واستقرار وتوطين المواطن شأن اجتماعي ملح.
دعوة بقية الوزارات لمحاكاة دور وزارة التربية والتعليم، والتحرك لترتيب لقاء خاص ودعوة الباحثين لمناقشة التوطين وإعادة إستراتيجيته وإطلاق «عام التوطين» أظنه من مهام وزارة الشؤون الاجتماعية.
يهاجر الكثير من المواطنين بحثاً عن عمل ومهنة وما شابه ذلك، ويهاجرون مؤقتاً ودائماً بسبب ترقيات الموظفين ونقل المعلمين، ولذلك آثار اجتماعية يجب أن ترصدها وزارة الشؤون الاجتماعية، إلا إن كان دورها مساعدة المحتاجين والفقراء فقط.
وزارة الشؤون الاجتماعية معنية بمراقبة المتغيرات الاجتماعية والتدخل حينما يكون التهديد اجتماعياً، ويبدو لي بأن التهديد الاجتماعي في ملأ كل مدينة ومحافظة وقرية بالوافدين دون مراعاة لتخصص وأوضاع المواطنين وبالذات وضع الشباب القادم، وإرغامهم على الهجرة دون قصد، فهل لوزارة الشؤون الاجتماعية مشاركة للحد من ذلك قبل أن تصنع وزارة العمل البطالة والعوز والفقر بطريقة خفية وغير متعمدة؟!
من الضروري وطنياً دعوة طلاب الدراسات العليا لتقديم دراسات علمية عدة عن أسباب الهجرة والتنقل اليومي، ودراسات أخرى بآثار الهجرة بشكل دقيق، اجتماعياً ومالياً ومرورياً وتعليمياً وتربوياً ونفسياً، حتى وإن كانت هناك دراسات سابقة، لتتبنى وزارة الشؤون الاجتماعية تلك البحوث ووضع خطط للتحليل والعلاج بمشاركة الجميع.
تجربة وزارة التربية والتعليم يمكن تسليط الضوء عليها في شأن التوطين، وهناك بوادر لدى وزارة الصحة لمحاكاة نقل المعلمين، وتُشكر وزارة الصحة على ذلك.
رغم تكرار حركة النقل لدى وزارة التربية والتعليم إلا أن من بيده الحلول في بعض الوزارات لم يحاول ولا مرة -حسب علمي- تفهم هذه الحركة والسعي عبر خطة عمل مدروسة لمحاكاتها، أقول بعض وليس الكل، وإن فعل إلا أنه لم يعلن ذات مرة بأن لوزارة التربية والتعليم دوراً في توضيح حاجتها وحاجة المناطق التعليمية. ولا أريد تحديد وزارة معينة غير وزارة الشؤون الاجتماعية، لأن شأن التوطين واستقرار المواطن موضوع متشعب، والكثير من الوزارات لها علاقة بالموضوع والشؤون الاجتماعية أقربها للتدخل والتنسيق.
من أسباب الهجرة عدم قدرة وزارة العمل ووزارة الخدمة المدنية وغيرهما على توفير الأعمال للمواطنين والمواطنات في مكان تعليمهم وغيابهم عن التنسيق مع وزارة التعليم العالي والكليات المتخصصة نحو اختيار التخصصات التي تحتاجها كل مدينة ومحافظة وقرية وهجرة.
وزارة التربية والتعليم والعمل ووزارة الشؤون الاجتماعية والخدمة المدنية والجهات العسكرية ومجلس الشورى وغيرهم مدعوون عبر هذا المقال لدراسة ملف هجرة المواطن من مدينة لأخرى ومن محافظة إلى أخرى والسعي لجعله حالة استثنائية، فلا الطرق ولا إمكانات المواطن قادرة على تحمل أعباء الهجرة وتغيير مكان السكن، ولا وضع الجامعات ونشرها يتناسب مع الهجرة.
لا أعني الكلام العابر الذي يصدر من البعض نحو التوطين، ولكني أعني بالضبط ضرورة إطلاق عام يقال له «عام التوطين» والسعي نحو التوطين من خلال مشاريع معدة لذلك والتحرك الجيد قبل أن نصبح أقلية في بلادنا أو قبل اتساع الفقر والحاجة والعمالة تنتشر في كل مكان.