عجبا للشعر الذي يجهل حتى كاتبه متى يجيء وكيف يجيء وما الدافع الذي يحركه لم يهجر شاعره وكأن بينهما جفوة، يحتاجه الشاعر، يتمناه ينتظره، ولكنه يضل ممتنعا عن الحضور، مع أن الكثير من الشعراء يقول إن دافع الشعر ومحركه (الموقف) إذ يكفي على رأي أولئك أن تمر بموقف لتجد أن الشعر حاضرا وكأنه كان يقف مستعدا لرسم الموقف الذي يمر به الشاعر.
وهذا مالا أميل إليه ومن معي ممن يقولون إن الشعر (حالة) وليس (موقف) فإما أن تكون بحالة شعر أثناء موقف ما وتكتب قصيدة وإما العكس وهنا يجني البعض من الشعراء على نفسه وعلى الشعر في آن واحد حين يمر بموقف ما وهو في غير حالة استعداد كامل للشعر ليخرج بنص هزيل بارد حال من الحياة وليس بينه وبين الشعر من صلة سوى الوزن والقافية.
والشعر بشكل عام ربما تتدخل فيه حرفية الشاعر المتمكن المتمرن على صياغة أبيات ولكن هذا لا يأتي في أي وقت ولا لكل شاعر،ومسألة الشعر عملية شعورية معقدة وبذات الوقت بسيطة تتحكم فيها أشياء كثيرة داخل وخارج نفس الشاعر، والشاعر الحقيقي يدرك حين تجيء القصيدة الحقيقية انه في حالة شعر عذبة رائعة وليس في حالة افتعال حالة.
وقفة لـ»مطلق النومسي»:
الشعر أبرد من بلاد الروس في وقت الفجر
وأحر من صحرا النفود أم الشموس الصاهرة
الشعر ما هو صبغة الدفتر من إنزاف الحبر
الشعر متعة للعقول المبدعة والباهرة
fm3456@hotmail.com