يقبل بعض الناس على ممارسة هوايات متعددة مثل جمع الطوابع والعملات العتيقة وأنواع الميداليات الغريبة الشكل والحجم. وهذه الهوايات قديمة وغيرها تجتذب كل الأعمار، وكلما طال الزمن وتتابعت الأيام كلما زادت أهميتها. وحين يتوقف الأمر على الاحتفاظ بها كهواية فلا ضير، ولكن أن تتحول إلى تجارة مغرية فذلك وجه الغرابة! والعملات القديمة عموما لا تحددها أسعار ثابتة، ولكنها تخضع للعرض والطلب وندرة العملة أو كثرة المعروض منها.
من خلال الاطلاع على بعض الإعلانات في الصحف المحلية وجدت من يعرض عملات قديمة بهدف التجارة حتى لتصل بعضها لأسعار خيالية برغم حداثة تاريخ إصدارها الذي قد لا يتعدى خمسين سنة مقارنة بغيرها. وهذه التجارة ليست محصورة في بلادنا فحسب؛ بل في جميع دول العالم حيث بيع مؤخرا سنت أمريكي، تم سكه في عام 1793م - أي في أول سنة بدأت فيها الولايات المتحدة تنتج قطعاً نقدية معدنية - ووصل سعره إلى 1.38 مليون في مزاد علني أقيم في أورلاندو بولاية فلوريدا الأميركية. وتناقلت وسائل الإعلام الأميركية فوز مشتر مجهول الهوية بالمزاد العلني الذي أقيم لبيع هذا السنت. وقد احتشد ستمائة بائع قطع معدنية وعملات في المزاد الذي أقيم في مقاطعة أورانج، مما جعل منه الحدث الأكبر من نوعه في البلاد! والغريب أن السنت ظل محافظا على شكله وحروفه ظاهرة بشكل واضح. وتخيل حين يصل سعر هذه العملة البسيطة إلى هذا المبلغ الكبير في ظل الأوضاع الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها الولايات المتحدة ومعظم دول العالم بما يشير إلى حالة من الهوس الذي لا قيمة له سوى أنه يصنف ضمن الغريب والنادر.
وتعد أسواق العملات القديمة والتذكارية العالمية سوقا واسعة ومتخصصة جدا، تجمع بين الهواة والتجار، في علاقة أساسها الرغبة باقتناء العملات النادرة وتحقيق ربح مادي من عملية البيع. وفي الدول المتقدمة تسن لهذه السوق قوانين وأنظمة تسري على الهواة والتجار والزبائن من دون تجاوز، وتوجد مواقع إلكترونية لخدمة هذه الأطراف الثلاثة للاطلاع على كل جديد في سوق العملات وتبادلها فضلا عن المعارض الدولية التي تعرض النادر والنفيس من العملات القديمة.
وللعملات القديمة والتذكارية والنادرة عالم له أسراره وهواته، ويشهد صفقات واتفاقات بين المتعاملين فيه، فضلا عن العملات التذكارية التي تصدرها الدول في المناسبات الوطنية المهمة أو للاحتفاء ببعض الشخصيات البارزة في تاريخها. كما يتجاوز الأمر إلى تواجد متخصصين في كشف التزوير خوفا من تعرض العملات إلى التزييف.
وبرغم أن هذه الهواية لا تشكل أي أهمية حضارية سوى أنها رمز للمحافظة على التراث إلا أنها تشغل بعض الناس وتكون مثار حديث وبحث، ولو تم الاقتصار على وضعها في المتاحف الوطنية لكان أجدى، ولكنها أذواق ثمنها الملايين!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny