خلال العشرين عاماً الماضية أصدرت الجهات المعنية قرارات كثيرة لتوظيف المواطنين في الشركات والمؤسسات ومهن البيع المختلفة كبيع الذهب والعود والعطور والزهور والهدايا والساعات والمفروشات والقرطاسية والجوالات وقطع غيار السيارات ومواد البناء والبضائع المخفضة وغيرها ولم يتم تنفيذها لعدم الجدية في تطبيقها، ولوجود عائق رئيسي يحول دون عمل المواطنين واستمرارهم فيها وهو ساعات العمل الطويلة التي قد تصل إلى خمس عشرة ساعة يومياً.
وتنحصر مجالات العمل المناسبة للمواطنين في القطاع الخاص تقريباً في البيع، والأعمال البنكية، والصيانة.. فوظائف البيع التي يعمل فيها ملايين الوافدين والمتسلّلين والهاربين كباعة عاديين في مهنة لا تحتاج إلى مؤهلات أو خبرات كبيرة يمكن شغلها بمواطنين متوسطي التعليم إذا قضينا على العائق الرئيسي أمامهم وتم تحديد مواعيد صارمة لممارسة الأنشطة التجارية وتم إغلاقها مع صلاة المغرب صيفاً وصلاة العشاء شتاءً. وتقسيم ساعات العمل المكتبي في الشركات والمؤسسات على فترتين يومياً يؤدي إلى انسحاب المواطنين منها حتى لو تم فرضهم عليها ومن المناسب تحديد العمل فيها بفترة واحدة فقط. وفي مجال الصيانة هنا كعشرات الآلاف من محلات الصيانة وورش السيارات الصغيرة المتناثرة التي يعمل فيها بالتستر والتسلّل مئات الآلاف من الوافدين ولدينا عشرات الآلاف من خريجي المعاهد والمراكز المهنية العاطلين الذين تم تدريبهم وتأهيلهم ومنعتهم ظروف العمل السيئة من التواجد في سوق العمل وينبغي تهيئة فرص العمل لهم في مجالات اختصاصاتهم بتحديد العمل في ورش الصيانة إلى صلاة المغرب فقط وإلغاء الورش الصغيرة المتناثرة واستبدالها تدريجياً بورش كبيرة منظمة يملكها ويعمل فيها المواطنين أو تملكها شركات ومؤسسات يعمل فيها العامل والمهني السعودي بميزات مادية ومعنوية مناسبة.
وإذا كان هناك رغبة جادة في توفير فرص عمل حقيقية للمواطنين في القطاع الخاص فإنه ينبغي منع بؤر التستر المتمثلة في المحلات الصغيرة المنتشرة في جميع شوارعنا والاكفتاء بمجمعات تجارية وتموينية ومجمعات للورش والصيانة في مواقع مناسبة، وتوثيق عقود عمل المواطنين حماية لحقوق الطرفين، وتحديد يوم إجازة أسبوعية إجبارية، وتحديد مواعيد صارمة لممارسة الأنشطة التجارية والمكتبية أسوة بدول العالم المتحضر وسيؤدي ذلك إلى إتاحة فرص وظيفية لمئات الآلاف من الموطنين وتحسين أوضاعهم المادية والاستغناء عن أعداد مماثلة من الوافدين، والحد من تحويلاتهم المالية، وتخفيف الحركة المرورية والحوادث، وتوفير الجهود الأمنية والصحية، وترشيد استهلاك الكهرباء والوقود. ولن تتحقق سعودة القطاع الخاص بالقرارات والندوات والمؤتمرات والتصريحات واستجداء هوامير التجارة والتستر للتفضل على المواطن العاطل بفرصة عمل كريم في بلاده التي تحتضن أكثر من عشرة ملايين وافد، بل بتهيئة الظروف المناسبة للمواطن الجاد للعلم والمتاجرة وأهمها تحديد ساعات عمل الأسواق والمحلات والورش وتحديد يوم إجازة أسبوعية إجبارية، وبدون ذلك لن يتمكّن المواطن من منافسة الوافد المتفرّغ تماماً وسيزداد عدد العاطلين ونستمر في استقدام الأجانب حتى لبيع الفصفص.