تقول الخرافات والأساطير اليونانية إن تأليه المرأة وتقديسها - فكل آلهتهم كانت مؤنثة - إنما كانت بسبب أنها تلد وتُنجب وتهب الحياة نسلاً، ولم يكن لليونانيين معرفة بسبب إنجاب النساء فهن - حسب أساطيرهم - ينجبن بمقدرتهن وعظمة ألوهيتهن.
جرت محاولات التمرد على تقديس المرأة بتدنيسها واتهامها بالفساد والخيانة؛ فأسقطت من مكانة التأليه إلى الاستعباد.
صانت الأديان السماوية مكانة المرأة، وساوى الإسلام بين البشر، وجعل المرد في التكريم هو التقوى.
لكن، هل تخلصت ثقافة المجتمعات البشرية من أساطير اليونان؟
كيف تحولت المرأة إلى رمز للشر؟ وكيف صار الخير مستوطناً لجنس الرجل؟
لماذا تحولت الحياة بكل ما رحبت إلى مساحة يرتع فيها الرجل، بينما حدد للمرأة نموذجاً عليها - إن أرادت أن تحظى بلقب العفة والنزاهة - أن تلتزم به، ولا تغادره، وإلا غادرتها كل الصفات الإيجابية، وأصبحت مستباحة، بإمكان أي أحد مهما كان خلقه وعلمه ومكانته أن يرمي بها إلى حيث منزلة لا ترتضيها الشريفة لنفسها.
ارتضت المرأة بالصندوق الصغير أملاً بأن يتسع، وتنفتح أضلاعه بهدوء، ودون أن تمضي الحياة وهي وقود لأحلام لا تجيء!!
لكن الأمور أصبحت أكثر سوءاً؛ لقد سمح الذكور لأنفسهم بأن يجعلوا من المرأة عبوة (ماء نار) يرمونها في وجه الخصوم، وتحولت المرأة دون اختيارها إلى وقود حروب ذكورية، تبحث عن الواجهة والسلطة أحياناً.
وفي كل مرة يحدث هذا يتفاقم شعور النساء بالانكماش والمهانة والتمييز.
لا شرف لرجال يتخذون من شرف النساء وسيلة للتزلف والتقرب وزيادة المريدين والأنصار.
لكن هذا لا بد أن يُبقي وعي المرأة حاضراً بأنها مسؤولة مسؤولية كاملة عن المكان الذي تضع قدمها فيه، عليها أن تفكر مراراً قبل أن تكون مجرد زجاجة ماء نار يؤتى بها لدلقها في وجه الخصوم. مكانك يكون حيث تختار لنفسك!
f.f.alotaibi@hotmail.comTwitter @OFatemah