معالجة البطالة لا تتم بالنوايا ما لم ندعم نوايانا بالعمل الجاد عبر سن القوانين واللوائح، ومن تلك: تمديد الخدمة للمتقاعدين من غير القياديين.
هناك معادلة لا يمكن تطبيقها أو حتى فهمها وهي: تقدم بعض الوزراء بطلبات إلى مجلس الخدمة المدنية لتمديد خدمة أحد موظفيهم ممن أحيلوا على التقاعد لشغل المرتبة والمنصب أو حجز مهام المرتبة والمنصب أو طلب التكليف, في الوقت الذي تصطف فيه (طوابير) طالبي الوظيفة أمام وزارتي الخدمة المدنية والعمل وقفا بانتظار المجهول.
هؤلاء ممن يطلق عليهم بطالة وعطالة وتحاول وزارتا الخدمة والعمل تجميل هذا المسمى تحت عنوان حافز وجدارة، ومن وراء ذلك برامج نطاقات بألوانها المتعددة هم مواطنون يستحقون الحماية الوظيفية.
إذا كنا جادين فعلينا سن أنظمة لمنع التجديد والتكليف للمتقاعدين لفتح المجال أمام جيل من طوابير المنتظرين الذي أعلن عن إحصائيتهم التي تصل إلى مليون ونصف المليون (عاطل) أو طالب و باحث عن عمل. هناك تمديدات لشخصيات تفرضها حاجة العمل أو أن العمل نفسه يحتاج إلى مواصفات تلك الشخصية، وهذه أعدادها محدودة جدا. لكن الوزراء يرفعون بملفات موظفين في الأساس لم يكن لهم أدوار داخل الوزارة، أو موظفين سبق أن (ورطوا) الوزارات بكوارث إدارية وأخطاء كلفت الدولة الملايين، وكان دورهم سلبيا وكارثيا...
كما أن هناك جهات تقع في الظل بالنسبة لقطاع الخدمات ومسكوت عنهم يتمتعون بالمميزات والمكافآت والعلاوات والبدلات وهم في وظائف تشريفية وصلوا إليها عبر العلاقات الاجتماعية والقرابة والجهوية والمناطقية وزملاء مقاعد الدراسة..
نحن في مرحلة وظيفية صعبة لوجود أبنائنا وإخواننا وبناتنا وأخواتنا في مربعات مغلقة، وداخل جدران المنازل الباردة، وفي المقاهي البعيدة ودكاكين الانترنت والكافيه والشوارع والأرصفة المزينة بالنخيل والصمت، وبالمقابل ملفات التجديد والتمديد للمتقاعدين ترفع من الوزراء بشكل رسمي إلى جهات حكومية ومجالس هيكلية وزارية مثل مجلس الخدمة المدنية أو خطابات الاستثناء, كما أن العقود لا تمرر على وزارة الخدمة المدنية, وهي محملة على بنود التشغيل، وأيضا مشاريع مدعومة من الحكومة أو من أموال الدولة مباشرة عبر برامج التطوير التي خصصت لها وزارة المالية بنودا خاصة من ميزانية الدولة، هذه تحول بعضها إلى مظلة للصرف على الموظفين برواتب خيالية أكثر من رواتبهم الرسمية عندما كانوا على نظام الخدمة، بصفتهم خبراء وعلماء في الإدارة والتطوير.
الأموال الحكومية يجب أن تصرف على الجيل الذي يقف أمام أبواب ومداخل وزارتي العمل والخدمة المدنية وينتظر في طوابير في (أرشفة) الوزراء والقطاع الخاص يستجدي الاستقرار الوظيفي.
لابد من خطوة شجاعة قانونية وإجرائية توقف التعاقدات بعد التقاعد وبرامج التطوير لفتح المجال أمام قوائم حافز وجدارة المحتبسة والمحتقنة؛ لأن قوائمهم تتحرك ببطء شديد، في حين التعاقدات ووظائف البنود تمرر بسرعة ودون تباطؤ.
هذه السلوكيات الإدارية لها انعكاساتها الشعبية ولها تأثيرها على الاستقرار العام في حين الدولة تسعى إلى حل بطالة المليون ونصف مليون، وهذه التجاوزات تتم بالخفاء والعلن تؤجج المشاعر وتزيد الاحتقان. وبالتالي لا يمكن وقفها إلا بنظام يمنع تلك التعاقدات والبنود وما يتم تحت مظلة برامج التطوير التي تحولت إلى رواتب للنافذين والمنتفعين.
a4536161@hotmail.com