يخطئ من يظن أن المجتمع لا علاقة له بالفن أو العكس، ويخطئ أيضا من يحاول إيهامك بأن كل ما يخص المجتمع لا يجب أن يعيه الفنان الواعي المتمرس بقيمة وماهية الفن، وهي إشكالية أشهدها من البعض غير الواعي في مواقع التواصل الاجتماعي حين تجد من (يأمرني) بأن أتحدث عن (الفنية) وأكف الحديث عن المواضيع الأخرى!
وهل الفن إلا مرآة للمجتمع؟ ثم ما هو المجتمع السعودي؟ أليس مجتمعاً إسلامياً تقليدياً في الغالب، يحاول الحفاظ على هويته من خلال هذه التقليدية، بينما ينشأ من ناحية أخرى صراع بين العصرنة والمحافظة على التقاليد؟ وإذا لم يكن الفنان متابعاً جيداً لهذه التحولات الاجتماعية ومدوناً لها من خلال أداته وخامته الفنية، فهو مجرد منفذ وممارس أو مهني على أقل تقدير.
وتاريخ الفن ما هو إلا تاريخ الصورة، والذي ينقل لك التقلبات العقائدية والاجتماعية والاقتصادية من خلال الصورة التي أنتجها ذلك الفنان على مر العصور، فهي قراءة واعية واضحة لا يحورها قلم المؤرخ المسيس أو المستفيد لغرض أو جهة ما، لذا متابعتي لأعمال مثل ما قامت به منال الضويان مؤخراً، من خلال الورشة التي عقدتها في قاعة الفن النقي، بغرض التجهيز لمشروعها القادم، نموذج كان بودي أن أتابعه عن قرب، فهي أحست بمشكلة اجتماعية انتشر صداها في موقع اليوتوب ومواقع التواصل الاجتماعي (حيث يقضي آلاف الشباب ساعات طويلة من يومهم) ألا وهي (التلفظ باسم المرأة) من خلال مقابلات مع شباب يسألهم مذيع أحد البرامج عن (اسم أمهم)، وما بين هذا وذاك، تتلمس مشكلة اجتماعية في عدم رغبة نسبة من الشباب في التلفظ بأسماء أمهاتهم، واعتبار ذلك نوعاً من (العار)!
لن أتحدث بطبيعة الحال عن المشكلة وأبعادها النفسية والاجتماعية، وإنما عن عين الفنان ووجدانه الذي شعر بهذه المشكلة وأراد ترجمتها في عمل فني، وهو ما تقوم به منال الآن...وفي انتظار انتهاء المشروع بفارغ الصبر، أملنا أن لا يكون النتاج زوبعة فنية تسويقية مخصصة للمتلقي الغربي فحسب، وإنما نموذج لدور الفنون البصرية في طرح المشكلات الاجتماعية كي يبصرها المتلقي، ويشعر بالحاجة إلى البحث عن حلول.
msenan@yahoo.com