الصين دولة ناجحة
وإيران كذلك لكنهما دولتان مؤدلجتان سياسياً.
والأدلجة والسياسة ليستا دائماً على وفاق، فالسياسة هي فن الممكن الميكافيلي الذي يبيح شتى الوسائل للوصول لغاية واحدة. هي حقيقة أن لا عدو مطلق ولا صديق مطلق، فالمصالح هي التي تحكم وهذا مهم، فالدولة ترسم سياستها وفق مصالح شعبها.
لكن الأدلجة هي فكرة تتحول إلى برامج ومشاريع ومناهج وخطاب متكامل يصل إلى نتيجة واحدة دائماً لا تتغيّر مهما تغيّرت الظروف.
الصراع الفكري موجود ولا بد أن يكون موجوداً لأن التعددية عامل مهم للاستقرار وغلبة صوت واحد هو مكون تهديد للقوى الاجتماعية الأخرى لذا خلقنا الله شعوباً وقبائل لنتعارف ونتبادل الخبرات وكان باستطاعته سبحانه أن يخلقنا قبيلة وشعباً واحداً لكنها الحكمة الإلهية القائمة في معرفة قيمة التعدد والتنوّع لبقاء الحياة.
مجالان حيويان إن بقيا بعيداً عن الصراع والأدلجة صلحت حال أي دولة وأي مجتمع هما التعليم والإعلام، لا بد أن يسعى القائمون على هذين الأمرين الخطيرين من التأكيد على أن كل الصراعات يجب أن تغيب عن كل ما يقدم في هذين المجالين المهمين ولا ينبغي أن يحضر إلا القيم الإنسانية العامة التي تشكل هوية الفرد المسلم المقبل على العمل والإتقان والفضيلة والاجتهاد والصبر والإخلاص والنزاهة والإبداع والاختراع وكل المعاني الجميلة التي تجعل من المجتمع كله بشتى أطيافه واتجاهاته وطوائفه يتقدم ويتطور ويعمل وينتج.
الإعلام والتعليم يلزم أن ينأيا عن الاحتراب الخفي والانحياز لممانعي التحديث أو الانحياز التام لكارهي الهوية أو حتى الانحياز لمن هم في المنتصف من مؤيّدي التحديث بحساب والمحافظين على حد من الأصالة التي لا تعزلهم عن العالم.
أجندة مصلحي الإعلام والتعليم يجب أن تكون مختلفة، حيث يكون همها الأكبر تشكيل فرد مسلم فاضل نزيه منتج مخلص متقن في عمله متطلع للغد متعايش بإحسان مع كل البشر في كل بقاع العالم.
الصراعات المؤدلجة مريرة وحروبها شرسة والمهمشون هم وقودها وضحيتها الأولى، حيث يستحيل البسطاء والنساء والأقليات إلى وسائط متلقية وناقلة لهذه الاحترابات التي لا تنتهي بحثاً عن بقاء المصالح أو محاولة للوصول إليها.
وقد أحسنت المملكة صنعاً بأن تنبهت في السنوات الأخيرة لخطورة أدلجة الإعلام والتعليم وعمل القائمون عليهما بالتخلص تدريجياً من عمليات الأدلجة في هذين المجالين الحيويين. وما زلنا نطمح لما هو أكثر.
f.f.alotaibi@hotmail.comTwitter @OFatemah