احتفل المصريون بثورة 25 يناير، وعادت الحياة لساحة التحرير في القاهرة التي استعادت وهجها وشهدت احتفالية سلمية باعثة للأمل في أن تكون آخر (الوقفات)، من أجل أن يتفرغ المصريون لإعادة عجلة العمل والإنتاج وتعويض الوقفات التي أضرت كثيراً بالإنتاج وعطلت العمل وزادت من المشكلات بدلاً من أن تحلها.
احتفالات الأمس التي شملت كل ربوع مصر، استهلت بقرار من رئيس المجلس الأعلى العسكري المشير حسين طنطاوي، ألغى بموجبه قانون الطوارئ مع استثناء أعمال (البلطجة)، قرار انتظره المصريون طويلاً بعد أن خيمت حالة الطوارئ على مصر طوال 60 عاماً منذ ثورة 23 يوليو عام 1952م.
المصريون بدؤوا منذ أمس عاماً جديداً يأمل أهل مصر ومحبوها أن يكون عام بناء، بعد أن انقضى عام التغيير وهدم أركان الفساد والقمع، وهو ما يتطلب عملاً مضنياً وجهداً أكبر، وفكراً نيراً يتناسب مع المرحلة القادمة.
فالمعروف أن البناء أصعب بكثير من الهدم، إذ إن البناء هو التغيير للأفضل، وهو ما يتطلب تفرغاً وجهداً لا يتشتت في القيام بأعمال لا يجني منها المصريون فائدة تُذكر، إذ إن المظاهر تبعد المرء عن الجوهر، والجوهر الذي ينفع المصريين في هذه المرحلة هو العمل والإنتاج لإنقاذ الاقتصاد وتحسين الأداء وإعادة الأمن الذي يشجع المستثمرين مصريين وعرباً وأجانب على العودة للاستثمار وإقامة المشاريع لخلق وظائف وفرص عمل تستوعب العاطلين وتنعش الاقتصاد.
على العكس من ذلك الانشغال بالتظاهرات والوقفات الاحتجاجية لا تنفع المصريين ولا تشبعهم خبزاً ولا تصنع فرص عمل ووظائف للعاطلين.
إذن المطلوب الآن إعادة مصر إلى طبيعتها كدولة محورية وأساسية في المنطقة العربية، تترجم تطلعات وآمال مواطنيها ومحبيها، وتوفر لهم العيش الكريم وتعزز الكرامة في دولة الديمقراطية والعدالة.
ومن اليوم ينتظر المصريون انطلاقتهم الواعدة نحو المستقبل لتعويض ما فاتهم، ليس خلال عام مضى بل بعد أكثر من نصف قرن من الزمن فقدت فيه (أم الدنيا) كثيراً من وهجها وتميزها بالانشغال بالمظاهر والشكليات، وتركت البناء والتنمية وهو الأهم.