في السعودية أصبح من المألوف أن نجد مواطناً عاطلاً يحمل درجة الدكتوراه أو الماجستير وفي تخصصات بعضها نادر حصلوا عليها من جامعات محلية وعالمية عريقة, وعندما تبحث عن الأسباب تجد أن هذا المواطن أو المواطنة وغيرهم كثير قد ضاعوا في دهاليز متاهة لا تعرف كيف تدخلها ولا كيف تخرج منها. عندما تسأل عن الأسباب قد تبكي وقد تضحك من باب شر البلية ما يضحك.. تبريرات ربما تدل على سوء الفهم أو الخطأ في التفسير لدى بعض مسؤولي الجامعات وربما توحي التبريرات غير المنطقية بأن لهم مآرب ونوايا من تطبيق سياسة تطفيش المواطنين من حملة المؤهلات العليا, وإلا ما معنى أن تعتذر الجامعات السعودية عن التعيين والاستقطاب بحجة عدم الاحتياج رغم أن عدد المتعاقدين من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية قد بلغ عشرة آلاف وخمسمائة عضو أغلبهم في تخصصات غير نادرة, ويمكن تسديدها بالمؤهلين من المواطنين السعوديين مثل تخصصات أصول التربية والإدارة التربوية والمناهج وتقنيات التعليم وطرق التدريس والعلوم الاجتماعية وحتى الدراسات الإسلامية والتخصصات الشرعية وغيرها، وللأسف فبعض المؤهلين السعوديين ترفضهم تلك الجامعات بحجة عدم مطابقة التخصص وهي حجة لا تستند على أساس علمي فاختلاف المسميات يعود لاختلاف الجامعات وبخاصة في التخصصات التربوية التي لا تبدأ برامجها إلا من مرحلة الماجستير وهو أمر طبيعي، فالحاصل على شهادة الماجستير والدكتوراه في المناهج أو أصول التربية أو الإدارة التربوية يكون في الأساس حاصلاً على البكالوريوس في تخصصات أخرى مثل الدراسات الإسلامية واللغة العربية والاجتماعيات والعلوم والرياضيات، وتشترط الجامعات أن يكون مؤهل البكالوريوس تربوي أو يفرض على الدارس مواد تربوية يدرسها قبل البدء ببرنامج الماجستير, ويحدث بعض الأحيان اختلافات في مسميات التخصص في الدراسات العليا مثل إدارة تربوية أو إدارة وتخطيط تربوي وهكذا.
لدينا حالياً أكثر من 25 جامعة حكومية وحملة الشهادات العليا من الحاصلين على الدكتوراه والماجستير عددهم معقول يمكن أن تستوعبهم تلك الجامعات, فمن تمت مطابقة شهاداتهم في وزارة الخدمة المدنية حوالي ثلاثة آلاف غير المؤهلين الآخرين في وزارات ودوائر الدولة ولديهم الرغبة الأكيدة بالانتقال للتدريس في الجامعات, واستقطاب الجامعات لهم سينعكس بالتأكيد على مستوى التعليم العالي لما يملكونه من خبرات، وفي الطرف المقابل يقبع ثلاثة آلاف مواطن ومواطنة في طوابير الانتظار وتقف الجامعات حجر عثرة في طريقهم، ووزارة التعليم العالي وضعت شرطين أساسيين، الشرط الأول الحصول على الشهادة العليا دكتوراه أو ماجستير من جامعة معترف بها, والشرط الثاني أن لا يقل التقدير عن جيد جداً وختمت الشرطين الأساسيين بعبارة ليتها لم توردها حيث جاء نصها «وللجامعة أن تضع من الشروط ما تراه».. هذه العبارة للأسف كانت مدخلاً لتلاعب بعض الجامعات فبدأت كل يوم تبتدع شروطاً إضافية تساعدها على تعقيد الأمور لتطفش المواطنين وتحصل على ما يبرر لها التعاقد من الخارج. تصوروا أن الجامعات ترفض متخصصاً من جامعة بريطانية في الحاسب الآلي وترفض طلب توظيف حاصلة على مرتبة الشرف الأولى في تخصص طبي بحجة عدم الحاجة لتخصصها رغم وجود أجنبيات في تخصصها.
أين رقابة وزارة التعليم العالي من هذه التجاوزات؟ إذا استمر غيابها عن آليات التعيين العوجاء في الجامعات فلا ندري إلى أي مدى ستصل هذه القضية الشائكة؟!
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15