أعلنت وزارة الخدمة المدنية عن تسرب اثني عشر ألف موظف حكومي خلال عام 2010م إما بالاستقالة أو التقاعد المبكر معظمهم من المعلمين والمعلمات، وبنسبة تتجاوز50% من إجمالي المتسربين حيث بلغ عددهم 6660 معلما ومعلمة في عام واحد فقط !
وأما إحصائية عام 2011 م فأزعم أنها أكثر وتثير التساؤل؛ مما يستوجب دراسة أسباب ودوافع تسرب وتقاعد منسوبي وزارة التربية والتعليم، وبالأخص المعلمات اللاتي كانت السنوات الأخيرة لهن عجافا إما بسوء التعامل الإنساني من قبل بعض مديرات المدارس، أو رداءة التعامل الإداري من لدن مكاتب التعليم، أو صمت إدارات العموم ووقوفها متفرجة أمام قضايا المعلمات المضطهدات بمدارسهن وعدم النظر لظروفهن الصحية والاجتماعية وحتى النفسية بعين العدل قبل الرحمة! حينما يُرفض نقل أو ندب معلمة متضررة من مديرتها التي دائما يرونها على حق! وقضى قانون التميز الذي أمسكت مديرات المدارس بزمامه وبصلاحيتها المطلقة زيادة أيام الإجازة الصيفية لبعض المعلمات، حتى أصبح أحد قوانين الفساد حين تحكمه الشللية والهوى أكثر من الكفاءة والاستحقاق!
وسيستمر النزيف الوظيفي من المعلمات المخلصات والمؤهلات ذوات الخبرة إن لم تعِد الوزارة النظر في بعض أنظمتها الاستفزازية، ناهيك عن حالة الإحباط التي يعيشها أكثر من مائتي ألف معلم ومعلمة لم يمنحوا الدرجات المستحقة حتى لتنقص رواتبهم بما يصل إلى خمسة آلاف ريال شهريا (أقول شهريا) وليس سنويا، وقد تساوى معهم بالراتب من تعين بعدهم بعشر سنوات مما أدى لحالة من الهزيمة النفسية، ولجأوا لهيئة حقوق الإنسان ومجلس الشورى والمحاكم الشرعية وديوان الخدمة ووزارة المالية ولكن، دون جدوى! وحين لم تُسمع شكواهم برغم عدالة قضيتهم آثر بعضهم الانسحاب تاركينها شاهدا على ظلم وزارة منحوها ولاءهم وجهدهم ووقتهم، وحسبك من معلم هو أول من يداوم من الموظفين، وأكثر من يعاني من وعثاء الوظيفة، وأقل من يترقى فيها أو ينال مركزا وظيفيا يناسب طموحاته ويماهي تطلعاته!
فلم إذاً لا يتقاعد المعلمون؟! وقد ضاعفت مهنة التدريس أعمارهم، وزادت أمراضهم الجسدية بسبب العمل المضني وراء متابعة طلابهم والقيام بأعمال إدارية من مناوبة صباحية وظهيرة وريادة وأعمال النشاط ومتابعة سلوك الطلبة مع التوجيه والإرشاد، وعضوية مجالس المدرسة دون مكافآت أو حوافز!
ولأن المعلمين قد آثروا التقاعد مبكرا حفاظا على ما تبقى من صحتهم وحكمتهم؛ فإنهم يأملون بقيام مؤسسة حكومية تعنى بشتى شؤونهم بعيدا عن تدخل وزارة التربية والتعليم التي لم تنصفهم وهم أجراء عندها فكيف وقد غادروها غير مأسوف عليها؟!
وإننا لنرجو من تلك المؤسسة في حال إنشائها أن تعنى بجميع متقاعدي الدولة وتتابع شؤونهم بالسعي لإقرار علاوة سنوية لرواتبهم تتواكب مع متطلبات العصر، والتأمين الطبي عليهم، ومنحهم بطاقات لتسهيل قضاء أمورهم، وإنشاء أندية صحية واجتماعية ورياضية وتشجيعهم على الانضمام لها. فهؤلاء المتقاعدون والمتقاعدات هم خير البلد وبركته، فليكن بهم بارا وعليهم حنونا!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny