أن يتحدث رجل أعمال بكل هذه المصداقية والشفافية، فإنَّ ذلك شيءٌ محمودٌ، بل أكثر من محمود.
نائب رئيس اللجنة التجارية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة السيد واصف كابلي، نطقَ بالحقيقة وبصدق يُشكر عليه بكل أمانة، ويستحق أن يُنَوَّه عنه حتى يشجع الآخرين في الوسط التجاري.
السيد كابلي يقول: (إن التجار يمثلون النسبة الأقل من التعداد السكاني). وهذا صحيح ومؤكَّد، ولكن على الرغم من ذلك يعَدَّون الطبقة المستغِلَّة للطبقات الأخرى التي تمثل الغالبية وتصل نسبتها إلى 80%..
أكثر من ذلك يقر السيد واصف كابلي فيقول: (إن التجار -وأنا واحدٌ منهم- مستغِلّون؛ مِنَّا المحتكر لسلع معينة، ومِنَّا من يرفع أسعار السلع أضعافاً مضاعفة فتصل أرباحه إلى 200%، ومِنَّا من يستورد سلعاً رديئة لا تتطابق مع المواصفات والمقاييس العالمية والسعودية).
في المجمل السيد كابلي وصف التجار بأنهم غشاشون..!!
قولٌ كثيراً ما ردَّده الكُتّاب والصحفيون، وكثيراً ما اشتكى منه المواطنون والمستهلكون، ولكن دون أن يستجيب لهم أحد، أو ينظر إلى شكواهم..!!
الآن، هذا اعترافٌ من أبناء الوسط التجاري، بل من مسؤول في اللجنة التجارية لواحدة من أكبر الغرف التجارية والصناعية..
أمام هذا الاعتراف والقول الذي يحمل اتهامات كثيرة: الاستغلال، الاحتكار، رفع أسعار السلع إلى أضعاف مضاعفة، تحقيق أرباح تتجاوز الـ200%، استيراد سلع رديئة.. ماذا بقي؟!! هل يكفي أن يقتصر الوصف الذي أطلقه السيد كابلي عليهم بأنهم «غشاشون» فقط..!!
هذا الاعتراف الصادر من داخل دائرة التجار يجب ألا يمر مرور الكرام مثل كل القضايا الأخرى. فبالإضافة إلى ما اقترحه السيد واصف كابلي بوضع قوائم سواء للتجار الغشاشين أو المستغلين أو المغالين في الأسعار، يجب التشهير بهم في وسائل الإعلام، كما أنه يجب أن تقوم الجهات المسؤولة بدورها لحماية المستهلك من عملهم غير المسؤول. فعدم الالتزام بالمواصفات العالمية والسعودية، واستيراد سلع رديئة، تشكل خطراً على حياة المواطن السعودي والمقيم. هو ما يتطلب تحركاً عاجلاً من حماية المستهلك، والجهات الرقابية بوزارة التجارة والصناعة، وهيئة الدواء والغذاء، والجهات الأخرى.
أما أخطر ما جاء في حديث السيد واصف كابلي الذي نشرته صحيفة «الحياة» أمس، فهو قيام عدد كبير من التجار بدفع «الإتاوة» لتسهيل أعمالهم وإجراءاتهم بسبب بيروقراطية بعض الجهات التي لها علاقة بأعمالهم.
صدقُ هذا التاجر الشريف يدقُّ ناقوس الحقيقة التي يجب أن يتلقفها المسؤولون ويبحثوا كلَّ كلمة قالها لمعالجة انحرافات النفس البشرية التي ستتمادى إن لم تجد من يحاسبها.
jaser@al-jazirah.com.sa