تحرص وزارة العمل على تثقيل عالم نطاقات بالشروط، ولكنها لم تتبن برنامجا عمليا فريدا ومميزا للتصدي للقوى الراغبة بالعمل، لا الوطنية ولا الوافدة، وكل ما هنالك هو تفعيل نطاقات، وكأنها تقول للجميع، كل صاحب مؤسسة يوظف سعودي مقابل عشرة وافدين، وأقول لها: المتوقع تحويل المجتمع السعودي لأقلية والبركة بنطاقات وبتأنيث المحلات أيضا، إذ كل امرأة عاملة تحتاج لعاملة منزلية وسائق ومع وجود كل موظفة يستطيع صاحب المؤسسة جلب تسع وافدين!
كل مليون مواطن موظف في القطاع الخاص يقابلهم تسعة ملايين وافد، وكل ثلاثة ملايين سعودي في القطاع الخاص يقابلهم سبع وعشرون مليون وافد، وكل أربعة ملايين مواطن في القطاع الخاص يقابلهم ستة وثلاثين مليون وافد، وهذا دليل فشل نطاقات في المستقبل وإن نجح في الوقت الحالي، وهو مجرد مسكن لا أكثر.
حتى الآن لم تطلق وزارة العمل مبادرة قيمة تجاه العمل عن بعد « العمل في المنازل «، وتنافس وزارة العمل وزارة الشؤون الاجتماعية في رعاية الأسر المنتجة!
تشترط وزارة العمل لقبول توظيف المرأة عن بعد في مؤسسات القطاع الخاص أن يكون عمرها لا يزيد على 35 عاما ولا يقل عن 20 عاما، وهذا جزء من التعقيد الذي تمارسه وزارة العمل تجاه من تستطيع العمل عن بعد، من اللاتي زادت أعمارهن على 35 عاما واللاتي تقل أعمارهن عن 20 عاما، ولا أدري ما سر الحرب غير المعلنة على هذه الفئة من المواطنات، ولماذا لا يتم التعامل معهن بإنسانية وعدل وإنصاف، فإذا كن لا يحصلن على إعانة حافز ولا تمكن المؤسسات من توظيفهن عن بعد، فماذا يعملن وهن راغبات وبحاجة للعمل؟
هذه الشروط التعجيزية تدلل على أن المسألة لا تخرج عن هم تنجيح نطاقات والتوجه لتحويل المجتمع لأقلية دون شعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمواطن، مسؤولية التقدير والتدبير المثالية.
حاجة البلد والمواطن أهم من حاجة مؤسسة ترغب بتوزيع وافديها في كل مكان، وضبط ذلك عبر برنامج نطاقات فقط مستحيل وغير مناسب ويضاف له ما لا يحسب عبر ما يسمى تراخيص المحلات التجارية.
العاملات عن بعد يجب أن يدعمن دعما كاملا، وليست كل مؤسسة خاصة متهمة بالتحايل على نظام نطاقات عن طريق نظام عمل المرأة عن بعد، ولا كل مؤسسة خاصة متهمة بالتحايل على نظام عمل الرجل عن بعد أيضا، والعالم المتقدم كما يقال يدعم هذا النوع من العمل لفوائده.
فوائد عمل المرأة عن بعد كثيرة، إذ يمنعها من الاحتكاك بالرجال من غير المحارم بشكل دائم، ويبقيها في منزلها ترعى أولادها وتنظر في حاجة زوجها، وتوفر وسائل النقل وتمتنع عن توفير سائق خاص، وتوفر على المؤسسات توفير مكتب وإضاءة وتكييف ونحوها، وتختصر الوقت وتنجز عملها في وقت رغبتها ورغبة المؤسسة الموظفة لها، وتنظم عملها بعيدا عن التقاطعات الوظيفية في المؤسسة المشغلة، وتستجيب لرغبات أهلها وتتواصل مع بني جنسها دون خجل وتسلم من حوادث الطرق.
كل هذا لم يعجب وزارة العمل فيما يبدو لي، بدليل الشروط القاسية، والسبب فيما أراه هو التفكير بنجاح نطاقات فقط ولو كان على حساب الحصول على هذه المكاسب.
المؤسسات الصحفية ومؤسسات التسويق المختلفة يمكن أن توظف العديد من النساء وهن في منازلهن وأظن ذلك حاصل، ولكنه يمكن أن يُدمر بسبب نظام نطاقات أو يتم إعاقته بسبب نطاقات في حالة عدم توفر الشروط، وبشروط عمل المرأة عن بعد أيضا، فهل تتعاون وزارة العمل مع هذه المؤسسات وتلغي أو تخفف تلك الشروط القاسية على من يفترض فيهم عدم الكذب كالشراكات والمؤسسات التي لا تلجأ لأسلوب التحايل، وهل تفرض وزارة العمل بدلا من الشروط عقوبات لمن يتحايل على نطاقات بسبب توظيف النساء عن بعد، لكي لا تحرم الراغبات والراغبون في العمل عن بعد؟!
نفس الشروط المطبقة في نظام نطاقات يمكن إيقاعها على كل من يتحايل على نظام عمل المرأة عن بعد، وكل من يتحايل على نظام عمل الرجل عن بعد أيضا، وبذلك تختصر وزارة العمل مشوار طويل لتوظيف آلاف النساء وربما مئات الرجال أيضا.
رغبة بعض فئات المجتمع في التوظيف عن بعد يفرض استجابة وزارة العمل وإعادة النظر في الشروط، والمهم هو أن يكون للمواطن أو المواطنة عائدا مغريا من الوظيفة عن بعد وليس تطبيق شروط نصية غير قابلة للتفاوض.