تحتضن الدول الأوروبية الكثير من المسلمين الذين وجدوا في هذه الدول الملاذ الآمن إن كانوا مطاردين من قبل دولهم الأصلية بسبب مواقفهم السياسية، أو العيش الكريم والعمل وكسب المال لمساعدة أسرهم في البلدان التي قدموا منها.
طبعاً تلك الدول لها أنظمتها وقوانينها وقيمها ودينها ونمط حياتها، ومع أن المسلمين المهاجرين في تلك الدول أصبحوا يشكلون النسبة الثانية من حيث اعتناق الأديان، إلا أن القانون والمنطق لا يعطي الحق لهؤلاء المهاجرين أن يفرضوا معتنقاتهم ودينهم على من فتح أرضه لهم وأمنهم بعد خوف وأطعمهم بعد جوع.
نعم يحق لهم الدعوة للدين الذي يعتنقوه ولكن بالحسنى، وأن يطالبوا بتحسين أوضاعهم، وأن يعملوا بل وحتى يناضلوا على تغيير القوانين التي تنال من حريتهم الدينية والتدخل في تأدية واجباتهم الدينية وكيفية ارتداء ملابسهم، ولكن ليس بالقوة والعنف.. أو ما يسمى بالكفاح المسلم.
في فرنسا أسس مهاجر تونسي جمعية أطلق عليها (فرسان العزة) تدعو إلى العنف والكفاح المسلح لمواجهة القوانين الفرنسية التي يعترض عليها المهاجر التونسي وخاصة المتعلقة بمنع الحجاب والنقاب.
وزارة الداخلية الفرنسية أصدرت أمراً بحل الجمعية لأنها اعتبرتها ذات طبيعة قتالية ومليشيا خاصة تهدف إلى المس بالشكل الجمهوري للحكومة وللنظام الفرنسي، وقد تم إرسال إنذار وفق القانون الفرنسي الذي يحاربه المهاجر التونسي للجمعية لترد عليه في غضون 10 أيام.
وبدأ الاهتمام الرسمي بجمعية (فرسان العزة) منذ حوالي سنة ونصف عندما نفذت الجمعية حملة ضد مطاعم (ماكدونالدز) للوجبات السريعة في مدينة ليموج، حيث قام رجال ملثمون بتسليم من يرتاد هذه المطاعم منشورات تطالبهم بعدم الأكل بهذه المطاعم بحجة دعمها لإسرائيل، وقد تم حل جمعية (فرسان العزة)، التي أنشئت في 2010 نتيجة تحقيق حولها، حيث اعتبرت مذكرة لوزارة الداخلية بأنها (جماعة للعمل المؤيد للإرهاب) ومن المتوقع أن تكون معاقبة الجماعة تستند إلى قانون 10 يناير 1936م، من خلال قرار من رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء، صادق عليه رئيس الوزراء ووزير الداخلية.
وقالت المذكرة إن الجماعة طفت على السطح بمناسبة عدد من الأحداث التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، مشيرة على الخصوص إلى الوقفة التي نفذتها أمام المحكمة العليا في مينة ليموج، في 2010 والاحتجاجات التي نظمتها عقب توقيف مجموعة من النساء بسبب ارتدائهن النقاب (وأكدت الأجهزة الخاصة أن الجماعة تروج لنظرية (دعم الكفاح المسلح لأسباب دينية)، داعية لإنشاء خلافة) في فرنسا وتطبيق الشريعة، واضعة بذلك المبادئ الديمقراطية وأسس الجمهورية، موضع تساؤل.
وكان مؤسس الجمعية محمد عشملان المعروف بـ(أبي حمزة)، الأمير الوطني للجماعة في فرنسا، قد قام بحرق نسخة من قانون العقوبات الفرنسي علانية في أغسطس الماضي، اعتراضاً على حظر ارتداء النقاب.
هذه الأعمال التي تعطي المبرر لمحاربة المسلمين التضييق عليهم والتي يقوم بها مهاجرون يعتنقون أفكاراً متطرفة ما كان لهم أن يقوم بمثل هذه الأعمال في بلد آواهم بعد أن شردتهم حكوماتهم، وذهبوا لكسب الرزق وليس لإقامة خلافات إسلامية.
إن لم يعجبهم الوضع هناك ولن يستسيغوا قوانينهم، فليعودوا إلى بلادهم ويجربوا إقامة خلافة إسلامية.
jaser@al-jazirah.com.sa