يحلم خبراء الإنترنت بأن يستطيع البشر، بعد نصف قرن من الآن، الاحتفاظ بنسخ من أدمغتهم على رقائق في الكومبيوتر، ومن ثم توزيع عدد لا نهاية له من هذه النسخ إلى من يشاؤون، عبر الإنترنت.
هذه النسخ من أدمغتنا هي «قناع» لشخصية كلّ منا، أو جسر للاتصال الدائم بنا، أو مادة أساسية لتقويم هذه الأدمغة، وتصحيحها، إن طرأ عليها ما يُشوهها أو يُعطّلها.
يواجه مستخدم الإنترنت الشعور بالحيرة والقلق، وأحيانا بالخوف، خشية التورّط أكثر فأكثر في دهاليز الإنترنت ومنعرجاته، لكنه يشعر، في الوقت نفسه، بأن هذا النهر المعلوماتي العظيم، لا شك يحمل، في كثير من الأحيان، قشة نجاتنا، حين يُداهمنا العمل والوقت أيضا، ونبتغي السرعة القصوى في استدرار المعلومات التي نحتاج.
عدد من الكتّاب والباحثين العرب، الذين لم يتعرّفوا، بعد، على آلية عمل الإنترنت، ولا يفقهون ماهية تواصل الأجيال الجديدة معه، كيف يستطيعون الكتابة في المستقبل، أو يدّعون ذلك؟ كيف يمكنهم رصد نبض الحاضر، على الأقل، ليؤسسوا عليه أبنيتهم الفكرية واللغوية والمعلوماتية؟
الإحصائيات تشير إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم فاق الثلاثة مليارات، في حين أن أحدث البحوث تؤكد، على عكس ما يُقال ويُشاع من أن القراء يتناقصون في العالم، بسبب تكريس اهتمام الشباب بالإنترنت، الذي داهم أفكارهم، واقتحم بيوتهم، وأغواهم بالابتعاد عن كتب المطالعة الورقية، ليلتصقوا بصفحات الإنترنت المليارية، التي تضم معظم النصوص التي أنتجتها البشرية، بكل لغاتها تقريباً.
إن العلاقة بالإنترنت هي علاقة بنهر عظيم هائل من المعلومات والمعارف و.. المخاطر أيضاً.
Zuhdi.alfateh@gmail.com