دائماً تقاس الشخصيات والدول بمواقفها النابعة من معتقداتها وقيمها الأخلاقية، الملك عبدالله - حفظه الله - اتصف بتلك الصفات لذا جاءت معالجاته ومواقفه الدولية متطابقة مع سلوكه، ومعبرة عن أصالة مبادئه، التي تنطلق من إيمانه بالله العلي القدير، ثم تجذر تاريخ هذه البلاد بالعراقة، وسجلها كموطن للدين انطلق الإسلام من أرضها لينشر العدل والرحمة... من تلك المواقف الأخيرة سرعة الملك عبدالله في إصدار أمره للقبض على حمزة كشغري وإحالته للجهات القضائية والعدلية لمحاكمته بعد أن تطاول حمزة على الله والذات الإلهية وتعرض للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في صورة مشينة ومستهجنة من كاتب تجاوز حدود حرية الرأي، فعندما يشعر أي كاتب أنه يملك القدرة على التعبير والقول وتشريح الأشخاص مهما كانت مكانتها الدينية ورمزها التاريخي منطلقا من كونها شخصية عامة تتيح للكاتب تعريضها لآرائه وأقواله، وأيضا اعتقاده أنه يملك الحق في تناول الخالق العلي القدير بصورة لا تليق بمكانة الخالق، إذا وصل الكاتب إلى هذا السقف تطلب التدخل العاجل، والملك عبدالله بادر سريعاً في أمر القبض عليه ثم محاكمته داخل المملكة ليلقى عقابه...
الموقف الثاني تصريحه يوم الجمعة الماضي أمام ضيوف الجنادرية حيث قال الملك عبدالله: (نحن في أيام مخيفة، ومع الأسف الذي صار في الأمم المتحدة في اعتقادي بادرة ما هي محمودة أبدا... لكن الحادثة التي حدثت ما تبشر بخير لأن ثقة العالم كله في الأمم المتحدة اهتزت. الدول مهما كانت لا تحكم العالم كله أبدا. بل يحكم العالم العقل ويحكم العالم الإنصاف ويحكم العالم الأخلاق، ويحكم العالم الإنصاف من المعتدي)... انتهى وكالات الأنباء أول أمس السبت.
العالم يقف بمعظم قاراته وتعدد شعوبه إلى جانب الشعب السوري من أجل حمايته من رئيس دولة يتصرف بجنون يقتل ويسحق شعبه وروسيا والصين يرفعان أيديهما اعتراضا ضد العالم وتأيدا لبشار الأسد في إبادة شعبه، فهل تحكم العالم (5) دول تملك حق النقض واستخدام الفيتو هل من العدل أن يتحكم بالعالم (5) أعضاء ليس في هذا القرار فقط وإنما في معظم القرارات التي استخدمتها الدول الغربية: أمريكا بريطانيا فرنسا ضد الفلسطينيين في مجلس الأمن من خلال اعتراضهم قرارات الأمم المتحدة التي تطالب في حماية الشعب الفلسطيني والاعتراف به والشعب اللبناني إبان القصف الإسرائيلي على غزة وجنين والضفة الغربية وبيروت والجنوب اللبناني، العالم شهد بشار الأسد وهو يحرك جيوشه في المدن والضواحي والقرى والأرياف السورية ليسحق المتظاهرين في الشوارع ويهدم البيوت على ساكنيها وروسيا والصين ترفعان الأيادي لاعتراض القرار...
العالم يجب أن يحكمه العدل والإنصاف والأخلاق وليس المصالح المجردة فقط، العالم لن يحكم من خلال مجلس الأمن و(5) أعضاء ويتم تجاهل دول العالم وشعوب الأرض. فالكلمة المختصرة من الملك عبدالله رسالة سياسية مضغوطة يجب أن تصل لكل من يعتقد أن من يحكم العالم هي دول وأعضاء قلائل وسط إرادة شعوب العالم التي تتطلع إلى العدالة وأخلاق الدول ليكون هناك شرعية دولية.