دُعيتُ من قبل أحد الأطباء لحضور حفل التعريف بجهود جمعية صحية خيرية تهتم بسلوك الأطفال، وكان الاجتماع في قاعة أحد الفنادق المشهورة، كما كان الحضور على مستوى عالٍ من الثقافة والعلم والمال، وسعدت وعجبت من اهتمام الأطباء بهذا السلوك النفسي البحت. وفي نهاية الحفل تمت دعوة الحضور للانضمام التطوعي لهذه الجمعية الوليدة ودعمها، كما جرى الطلب منهم كتابة أسمائهم وطبيعة أعمالهم ووسائل التواصل معهم. وظهر من خلال الاجتماع استهداف رجال الأعمال والإعلاميين على وجه الخصوص على مختلف اهتماماتهم.
لم أستطع حينها فهم مغزى هذا الاجتماع ورؤيته، إلا أن هدف الجمعية يهمني في الشأن التربوي فكتبت عنه مطالبة بتكاتف الجهود للوصول إلى حل لذلك السلوك المحير!
وقد تفاجأت ووجدت إجابة لتساؤلي وعجبي حينما اطلعت على انتقاد وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة، الأطباء الذين يؤسسون جمعيات صحية خيرية بغرض خدمة أهدافهم البحثية! وإن كثيراً من الجمعيات أُنشئت برغبة أطباء للحصول على عضوية الجمعيات أو ترؤسها. ولكنني أسفت وتألمت من كشف الوزير عن أن بعض تلك الجمعيات تقدمت للوزارة بطلبات لإنشاء جمعيات علمية، ولكنها رفضت منح ترخيص لها، فحولت طلبها إلى إنشاء جمعيات خيرية طبية، مع إبقاء ذات اللوائح الخاصة بإنشاء الجمعيات العلمية الطبية التي تقدمت بها سابقاً! وهو ما يشير لفساد هدفها وبطلانها. حيث الغاية تحقيق أهدافهم البحثية، وذلك بتحويل تلك الجمعيات إلى التخصصات النوعية البحتة، ويجرون فيها بعض الأبحاث على المرضى الذين يراجعون الجمعيات التي تحمل مسمى الخيرية!
وإن كان من عتب فهو على وزارة الصحة التي ترفض إنشاء جمعيات علمية تطبق تجاربها على البشر في النور، وبطرق مشروعة، وحسب الاتفاق مع إدراك الإيجابيات والسلبيات وطبقا للأنظمة ليمكن الاستفادة من النتائج، بدلا من إجراء التجارب باسم الخيرية واستغفال الناس المرضى، فضلا عن مزاحمة الجمعيات ذات العلاقة.
والواقع أن لجوء الأطباء إلى وسيلة غير مناسبة يستدعي إعادة النظر بضرورة دعم مراكز الأبحاث سواء من مخصصات الوزارة أو استقطاع نسبة من أرباح شركات الأدوية وشركات الأجهزة الطبية وشركات التأمين الطبي.
والأمل معقود بإنشاء جمعيات صحية خيرية توجه اهتمامها للمرضى المحتاجين وتأمين الأدوية لهم ورعاية أسرهم مع المساهمة في بناء مستشفيات خيرية ذات دخل مناسب يتم تشغيلها ذاتيا بحيث تكون مقسمة إلى فئتين استثمارية تجارية يصرف ريعها على القسم الخيري ويكون بإشراف مباشر من وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية.
ولايزال القصور في الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين يستدعي المزيد من البحث والدراسة والاهتمام، ولعل تخصيصها وتسليمها القطاع الخاص يعد حلاً عاجلاً وحاسماً مع التأمين الصحي لكافة المواطنين الذي سيجعلهم في وضع صحي ونفسي أفضل!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny