يشكو معظم الناس هذه الأيام من مشكلة تواجههم في إنجاز معاملاتهم في الدوائر والجهات التي يراجعونها، ألا وهي مصادمة النِّظام - كما يقال لهم - لما يريدون إنجازه، وإقناعهم بعدم إمكان تحقيق ما يريدون ما دام النظام لا يسمح بذلك، ويعودون مقتنعين بما قيل لهم، سائلين الله عزَّ وجلَّ أن يأذن بهبوب رياح تصحيحية لبعض الأنظمة، تزيح عنهم هذه العقبة الكؤود «النظام لا يسمح»، ولكنهم يفاجؤون بأناسٍ يؤكدون لهم أنهم قد أنجزوا معاملاتهم المماثلة بأسلوبٍ سهلٍ ميسور، وطريقة سريعة، فينبعث فيهم الأمل من جديد، ولكنهم يصطدمون بالعبارة نفسها «النظام لا يسمح» وحينما يسألون: متى يسمح النظام؟ يكون الجواب «قريباً إن شاء الله»، فيعودون وقد أساؤوا الظنَّ بمن أخبروهم أنهم أنجزوا معاملاتهم بالرغم من حاجز «النظام لا يسمح» فاتهموهم بالكذب، ولكنَّهم حينما يبحثون عن الحقيقة يجدون الإنجاز لتلك المعاملات التي لا يسمح بها النظام قد تمَّ ولا يزال يتم بصورة متواصلة لبعض النَّاس الذين يعرفونهم، وقبل أن يستولي عليهم الإحساس بغرابة هذا الأمر، يصلون إلى الأسباب وهي محصورة في ثلاث وسائل لا رابع لها، في الوساطة، أو المعرفة والمصالح المشتركة، وما يُسمَّى (بالأتعاب المالية). أما الوساطة فهي أشهر من أن تحتاج إلى تعريف أو شرح، وأما المعرفة والمصالح المشتركة فهي مذكورة مشهورة - أيضاً - لأن معرفة موظف في الدائرة المختصة بمعاملة المراجع أقوى من النظام الذي لا يسمح، وكذلك وجود مصلحة مشتركة بين صاحب المعاملة وأحد موظفي الدائرة المختصة، صغيراً كان ذلك الموظف أم كبيراً.

وأما (الأتعاب المالية) فهي أن يقدم صاحب المعاملة مبلغاً لمعقِّبٍ مقابِلَ إنهاء المعاملة في يومٍ واحد مهما كانت قوَّة «النظام لا يسمح»، ومَنْ لم يكن له وسيلة من هذه الوسائل الثلاث فعليه أن يتحلَّى بـ»الصبر الطويل» أو يستسلم لـ»اليأس» من الإنجاز.

لم أجد مصطلحاً أدقَّ من مصطلح «الإنجاز المقلوب» الذي خطر ببالي بعد سماعي لعشرات القصص التي تؤكِّد وجود هذا المصطلح المؤلم في مجتمع مسلم.

إشارة: أين مراقبةُ الله في السرِّ والعَلَن؟؟