تُعدُّ جائزة الملك فيصل إحدى الجوائز العالمية المتميزة بالذات في فروعها العلمية وقد أكَّد ذلك حصول بعض الفائزين والمرشحين للجائزة على جوائز عالمية مرموقة مثل جائزة نوبل.
الجائزة وبصفتها صادرة عن مؤسسة خيرية إسلامية وبصفتها تحمل اسم رائد التضامن الإسلامي المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبد العزيز تضع ضمن أولوياتها دعم وتشجيع الأعمال الإسلامية والعربية عبر جائزة علمية متخصصة في الدراسات، أسوة بالجوائز الأخرى، أو عبر جائزتها الكبرى التي تمنح للأفراد والجهات التي قدمت جهودًا بارزة في مجال خدمة الإسلام.
جائزة خدمة الإسلام تُعدُّ من أرفع الجوائز التشريفية لأولئك اللذين بذلوا جهودًا استثنائية في خدمة القضايا الإسلامية، لذلك لم يكن غريبًا أن يحصل عليها بعض الزعماء الاستثنائيين في تميزهم لخدمة قضايا العالم الإسلامي على كافة الصعد، مثل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز صاحب التميز في خدمة الحرمين الشريفين وحجيج بيت الله وفي خدمة القضايا السياسية والفكرية الإسلامية المتنوعة، بما فيها قضايا الحوار ودعم السلم العالمي. وغيره من الزعماء المتميزين بدعم العمل الإسلامي.
أمام هذا المفهوم التقديري لجائزة خدمة الإسلام مقارنة بالمفهوم العلمي المحدد لبقية الجوائز، تتفاوت الشخصيات والجهات الحاصلة عليها من عام لآخر، ومن الطبيعي ألا يتفق الجميع عليها. عدم الاتفاق يعود لمفهوم خدمة الإسلام وما هي الأطر التي تريد الجائزة تعريفه فيها؟ هل يُعدُّ الأكثر تبرعًا بالمال للعمل الخيري هو الأجدر بالجائزة؟ هل يُعدُّ الدعم المادي للجمعيات المحلية هو المسار الأبرز لخدمة الإسلام؟ هل يُعدُّ العمل الوطني على مستوى القطر الإسلامي هو المعيار أم العمل على مستوى الأمة الإسلامية أم على مستوى العالم بأكمله؟ هل يأتي العمل الفكري هو المعيار الأساسي للحصول على الجائزة أم المعيار السياسي أم الدعوي أم المادي أم ماذا؟
أطرح تساؤلاتي أعلاه تقديرًا لجائزة الملك فيصل وتتبعًا لمسيرتها العطرة. وأجزم بأن القائمين عليها من أبناء الفيصل يبذلون كل الجهد لتطويرها لتكون الأفضل على مستوى العالم. وأشير إلى أن المتتبع لجائزة خدمة الإسلام يجدها غير واضحة المعالم والمعايير وبالتالي نتمنى وضع معايير أوضح في شأنها. أكرر إدراكي بأنها جائزة تقديرية لكن يظل وضع خطوط عامة لها وتحديد مسوغات ثابتة أمرًا ممكنًا ومطلوبًا تتجاوز مجرد إشارتها إلى «أن يكون للمرشَّح، أو الهيئة المرشَّحة، دور ريادي في خدمة الإسلام والمسلمين؛ فكريًا أو عمليًا».
جائزة خدمة الإسلام أمامها خياران؛ إما أن تقترب من التخصص فتحدد كل عام لتوجه محدد أسوة بالجوائز الأخرى، على سبيل المثال تكون العام القادم للبارزين في خدمة القضايا الاقتصادية الإسلامية والذي يليه لخدمة السلم العالمي وبعدها لخدمة الدعوة الإسلامية، إلخ. أو أن تكون شمولية وهنا يستحقها من يحرز إنجازات متنوعة وبارزة في مجالات العمل السياسي الإسلامي وخدمة القضايا الفكرية الإسلامية وخدمة الاقتصاد الإسلامي وخدمة الدعوة الإسلامية وخدمة العمل الخيري الإسلامي، وغيرها على المستوى العالمي وليس مجرد البروز محليًا في مجال واحد أو اثنين من مجالات العمل الإسلامي...
تحيه لهذه الجائزة وللقائمين عليها والفائزين بها.
malkhazim@hotmail.com