تنبع أهمية توطين الوظائف من كونه أحد أركان الاستقرار السياسي والاجتماعي.. وتكمن خطورته في أن البطالة أحد أكبر دوافع الإجرام والفساد والانحراف.. فمفهوم توطين الوظائف في ظل الواقع الحاضر الذي نعيشه يعني في غالب معانيه الأمن والاستقرار والنمو.
الخطاب الإعلامي لتوطين الوظائف مهمة وطنية ولكن إفرازاتها للأسف كانت مسيئة للمجتمع السعودي.. فهي برسائلها الإعلامية زرعت مشاعر سلبية تحريضية ضد الوافد.. كما زرعت انطباعاً سلبياً عن الشاب السعودي.. فقد أوحت تلك الرسائل للناس أجمعين أن السعودي عالة، وأن تشغيله خسارة، وأن رجل الأعمال السعودي أناني فاقد للوطنية، حريص على مصالحه فقط.. وهذا انطباع ظالم.
فحينما تكون الرسالة الموجهة من الحكومة للقطاع الخاص قائمة على الحث بأسلوب النخوة والفزعة والمواطنة وانتماءاتها.. وليست قائمة على المصلحة التي سيجنيها القطاع الخاص..
أو حينما تكون الرسالة محملة بالتهديد بقوة النظام.. وليس تحقيقاً لرغبة أو حاجة القطاع الخاص.. فإن الرسالة تكون قد فقدت جزءاً مهماً من مفعولها.. إن لم تفقد مفعولها كله.
ولأن الرسائل كلها موجهة للقطاع الخاص فقط.. فقد رسخت في ذهن الشاب مفاهيم خاطئة.. أحدها أنه غير مطالب بتنمية نفسه وتطوير قدراته.. وأسوأها غرس مفهوم: أن أمنه الوظيفي هو العمل في الحكومة.. وفاته أن الأمن الوظيفي الحقيقي هو في ذاته.. وفي ما يكتنزه من علم ومعارف ومعلومات ومهارات وقدرات وسلوكيات مهنية وخبرات متراكمة.
وحيث إن أساس العملية الإنتاجية هو الإنسان الذي يصنع القطاع الخاص كما يصنع القوة الاقتصادية.. ففي نظري أن الشباب هم الشريحة المستهدفة بهذه الرسائل لا رجال الأعمال.. فالقطاع الخاص يمكن أن يتم التعامل معه بالقوانين والأنظمة.. أما التوعية فهي للمجتمع الذي يشكل الشباب (60%) من شرائحه.
المطلوب من الخطاب الإعلامي أن يغرس مفهوم الطموح وأن يحفز الطالب على التفكير في تأهيل نفسه لسوق العمل.. وممارسة كل ما يفيد مهاراته ويطور سلوكياته.. أما المجتمع ككل فمطلوب منه ألا يبحث للعاطل عن عذر وأن ينظر إليه نظرة المستنكر.
التوعية الإعلامية لتوطين الوظائف مهمة متعددة الجوانب.. فليست الغاية منها تعريف الناس بوجود المشكلة.. بل تغيير الاتجاهات الثقافية والفكرية القائمة لدى أفراد المجتمع.. وهذه مهمة وطنية لا بد أن تتكامل فيها الجهود.. وليست مهمة جهة واحدة.