لقد تشرفت بزيارة للمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلوات وأتم التسليم، بصحبة اللجنة الوطنية للمكاتب الاستشارية وبدعوة كريمة من الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة الذين نشكرهم على حسن الضيافة والتنظيم ولا بد من أن اعترف بأن هذه الزيارة كان لها أثر كبير في نفسي أكثر من أي زيارة أخرى لطيبة الطيبة لعدة أمور ومنها:
التعرف على الأماكن التاريخية بشكل دقيق، كيف لا وهي المدينة التي استقبلت الرسول الكريم والمهاجرين واستضافتها لأول دولة إسلامية ووقوع الكثير من المعارك الإسلامية ضد الكفار والمشركين وتثبيت الإسلام.
إن زيارة المدينة المنورة لها طعم خاص وميزة خاصة سواء من الناحية الدينية أو الاجتماعية فأهل المدينة المنورة يتميزون عن غيرهم بالطيبة وحسن التعامل والأخلاق العالية والانفتاح.
فكيف لا وقد دعا لها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وحرم ما بين جبليها ودعا أن يبارك في مكيالها ومدها وصاعها.
ومن ضمن زيارتنا زيارة غير مجدولة لمعرض أحد مصانع التمور الكبيرة (المصنع الوطني لتعبئة التمور) والذين استضافونا بما عهد عن سكان مدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من ضيافة ورحابة صدر، التي أعطتنا معلومات جديدة تغيب عن الكثير منّا سواء من حيث نوعية التمور التي تتميز بها المدينة المنورة وكذلك تعددها وكذلك وجود منطقة بالمدينة المنورة نخيلها يثمر مرتين في العام وليس مرة واحدة كالعادة في النخيل الأخرى.
وقد صدمنا عندما علمنا بالعقبات التي تواجه منتجي التمور ومن ذلك عقبات التصدير (وهي مع الأسف الشديد نفس العقبات التي تواجه مزارع النخيل بالقصيم والمناطق الأخرى).
وبهذه المناسبة أشيد بتبرع رجل الأعمال المعروف الشيخ صالح كامل خلال زيارته الأخيرة للقصيم بمبلغ 5 ملايين ريال لكرسي أبحاث النخيل بجامعة القصيم أو كما يسميها الشيخ صالح (عمتنا النخلة).
وهذا يذكرنا بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (بيت لا تمر فيه جياع) أو كما قال عليه صلوات الله وسلامه.
وهذا دليل على أهمية التمر كغذاء.
إن منطقة المدينة المنورة تتمتع بمزايا اقتصادية مهمة فإضافة إلى ميزة السياحة الدينية ومسجد وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن المدينة المنورة تمتاز بميزات أخرى لعل من أهمها: إنها منطقة زراعية تحتوي على مزارع النخيل الشهيرة التي تعاني من بعض العقبات كما أشرت آنفًا.
ومنطقة المدينة المنورة تضم ثاني أكبر مدينة صناعية بالمملكة في ينبع والتابعة للهيئة الملكية للجبيل وينبع ولها سواحل تمتد لأكثر من 300 كيلو متر مربع على البحر الأحمر. كما أن المنطقة تتمتع بوجود العديد من الثروات التعدينية كالذهب والفضة والمغنيسيوم والنحاس والرصاص والزنك والنيكل والعناصر المشعة، كما تشير إلى ذلك دراسة المخطط الإقليمي لمنطقة المدينة المنورة 1420هـ 1450هـ. فبالإضافة إلى الفرص الاستثمارية العديدة لعل تطوير الخدمات السياحية من أهم الفرص الاستثمارية في المدينة المنورة.
ومن المميزات المهمة أن المنطقة المركزية للمدينة المنورة غير محاطة بالجبال وسهولة الوصول للمسجد النبوي الشريف كما هو الحال في مكة المكرمة التي تعاني من اختناق بالمنطقة المركزية لقرب الجبال وبالتالي الارتفاع الخيالي لأسعار السكن بالقرب من الحرم الشريف.
لقد كان من ضمن برنامج الزيارة، زيارة مدينة المعرفة التي مع الأسف كانت محبطة للجميع، حيث لا يوجد في المدينة حتى الآن سوى المبنى الفاخر للإدارة ونماذج لمخططات المدينة والإدارة نركز حتى الآن على الترويج العقاري الذي لاحظنا أن الأسعار داخل هذه المدينة سوف لا يكون جاذبًا للاستثمار سواء السكني أو التجاري. والغريب أن مخطط هذه المدينة لا يحتوي على شي له علاقة بالمعرفة (التقنية) سوى (كلية للمعرفة Knowledge Academy) موجود طبعًا بالمخطط المقترح. إلا أنه وللحق لا بد من الاعتراف بوجود متحف مصغر لتاريخ المدينة المنورة.
خير الكلام ما قل ودل
- إن ما ورد في دراسة «رؤية لتحقيق التنمية المتوازنة بمناطق المملكة» التي قدمها منتدى الرياض الاقتصادي الخامس من وجود تباين في مستوى التنمية والخدمات بين مناطق المملكة وما ترتب على ذلك من هجرة السكان من منطقة لأخرى وزيادة حدة المشكلات الاجتماعية والخدمية والاقتصادية والبيئية لهو أمر جدير بالدراسة واتخاذ قرارات للتنمية المتوازنة في المملكة.
- دعوة للجهات المختصة بتبني القواعد الاقتصادية والمالية الإسلامية التي أثبت الواقع العالمي بأنها الأفضل للاقتصاد العالمي، ولتفادي حدوث الأزمات المالية على الدول الإسلامية، عليها تبني اقتصاد إسلامي مبنى على القواعد الإسلامية الوسطية بين النظامين العالميين المتطرفين الرأسمالي والاشتراكي، فميزة الاقتصاد الإسلامي أنه نظام وسط ويلائم الحياة الحديثة.
- من مكتبتي: لدي أهم وأغلى كتاب حصلت عليه عندما كنت طالبًا بالمتوسطة هدية من سعادة المربي الكبير أستاذي عبد الرحمن السدحان متعه الله بالصحة والعافية واسم الكتاب (نظرات في الحياة والمجتمع) لمؤلفه علي أدهم.
ويقول الإهداء: إلى الطالب: محمد علي المسلّم؛ تقديرًا للجهود التي بذلتها طول العام وتقديرًا للتفوق الذي حققته في امتحان آخر العام وتشجيعًا لروح التنافس الشريف تقدم إدارة المدرسة المتوسطة الأولى بالرياض هذا الكتاب كجائزة رمزية وإلى الإمام دائمًا.
مدير المدرسة عبد الرحمن السدحان
- أبيات شعر جميل ومعبر لأبي القاسم المغربي عندما انتقل إلى دار جديدة، فما جاءه النوم الليلة الأولى لتغير المكان فأنشد يقول:
إني أبثك من حديثي
والحديث له شجون
فارقت موضع مرقدي
ليلاً ففارقني السكون
قل لي فأول ليلة
في القبر كيف ترى تكون
فعلاً تشبيه رائع وتساؤل مهم فنسأل أن تكون ليلتنا الأولى ثباتًا ونورًا واتساعًا للدار الجديدة وأن تكون محطة للانتقال إلى جنات النعيم مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا وأن يجمعنا بوالدينا وأبنائنا وبالمؤمنين وبالمؤمنات. والله الموفق.
(*) عضو جمعيتي الاقتصاد والإدارة السعودية
musallammisc@yahoo.com