لقد عشنا أياما عاصفة من القلق، بعد أن تطاول أحد المغردين في تويتر على مقام النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، وهو الحدث الذي آذانا جميعاً، وفتح ملفات منسية تتعلق بفئة الشباب، الذين يفترض أنهم الأساس المتين لمستقبل الوطن، فقد أدركنا من خلال ما يكتبون في وسائل التواصل الاجتماعي كم هم بعيدون عنا، وكم نحن مقصّرون تجاههم، ما جعل بعضاً منهم صيداً سهلاً لكل من أراد سوءاً بمجتمعنا، وهذا هو الواقع الذي ما زلنا نتحاشى الخوض فيه.
لقد انقسم الناس حيال الإساءة إلى فئات شتى، فمنهم من أصابه الذهول فالتزم الصمت منتظراً حسم المسألة من قِبل أهل الحل والعقد، ومنهم من استغل مسألة في غاية الحساسية لتصفية حساباته مع خصومه، متجاوزاً الحدث ذاته إلى ما وراء الحدث، في انتهازية عجيبة ليس هذا وقتها. أما علماؤنا الأجلاء المعتبرين شرعاً فلم يخوضوا مع الخائضين من خلال وسائل الإعلام، وإنما تعاملوا مع الموقف بشكل رسمي من خلال المهمة التي أوكلها لهم ولي الأمر، إذ اجتمعت هيئة الإفتاء الرسمية، وقالت كلمتها، ثم اتخذ خادم الحرمين الشريفين قراره النهائي بتوجيه المسؤولين بالقبض على المسيء وإحالته إلى الشرع.
هذا الإجراء الرسمي من أعلى سلطة في الوطن ضرب المزايدين في مقتل، فما كان منهم إلا أن استغلوا هروب المسيء خارج البلاد للزعم بأنه تم تهريبه، في محاولة بائسة للمزايدة على الدولة بالدين!، وهي استكمال للمهمة التي بدؤوها من خلال الإعلام الجديد في بداية الأمر، وذلك حينما زعموا بأن المسيء هو من إفرازات الممارسات الثقافية الرسمية!. وبعد ما أمر خادم الحرمين شخصياً بإحضار المسيء من الدولة التي لجأ إليها، وهو ما تم، صمت المزايدون حتى لا تكاد تسمع لهم همساً، عدا أولئك الذين حاولوا تجيير هذا النجاح لأنفسهم، مع أنهم كانوا قابعين في منازلهم عندما كانت الدبلوماسية الهادئة تعمل بهدوء وتؤده بعيداً عن المزايدات الإعلامية والادعاءات الرخيصة.
لم يكد المسيء يصل أرض البلاد، حتى التف المزايدون من اتباع «الإسلام المسيس» على هذا الإنجاز الذي لا يدع مجالاً للشك في حرص الدولة على معاقبة كل من يتعرض للثوابت، وأقاموا محاكم التفتيش، ونبشوا في سجلات الماضي في محاولة حثيثة للالتفاف على الجهد الذي قامت به الدولة، وفي محاولة للمزايدة عليها في الحرص على الثوابت والمقدسات، وهي محاولات بائسة هدفها الإثارة وجني المكاسب الشخصية، وتصفية خصومات سابقة، وهذا لا يليق، لأنه يصرف الاهتمام من التركيز على القضية الرئيسية إلى قضايا فرعية يمكن البحث فيها ومناقشتها في وقت لاحق. وختاما، لقد آذت الإساءة إلى الرسول الأعظم مشاعر كل مسلم، وقد قامت الدولة بكل ما يجب فعله في مثل هذه القضايا الشائكة، وسيقول القضاء المستقل كلمته، وعلى المزايدين أن يصمتوا حتى لا يشوشوا على مسار القضية.
فاصلة: «تعلم من الأمس.. عش اليوم.. واجعل الأمل شعارك للغد.. وأهم من كل هذا لا تتوقف عن التساؤل».. البرت اينشتاين.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2