كرست العديد من دول العالم والمنظمات والهيئات والجمعيات الدولية جهودها لتطوير أساليب مكافحة الفساد على المستوى العالمي, نظرا لأن الفساد لم يعد (مشكلة محلية أو إقليمية), بل هو (مشكلة عالمية) (ما منكم إلا واردها), ومن هنا تكاتفت جهود العالم لمكافحته بجدية كما يكافحوا الأمراض الخطيرة, ومن هنا أيضا تم توقيع العديد من الاتفاقيات الدولية في هذا المجال منذ عام 1995م ويدخل بعض هذه الاتفاقيات حيز التنفيذ بعد موافقة عدد من الدول عليها.
ومن أهم هذه الاتفاقيات اتفاقية الأمم المتحدة لمواجهة الفساد والتي وقعت في المكسيك وجرى العمل بها في ديسمبر عام 2005م والتي تنص على التالي: «إن عدم محاربة أشكال الفساد المختلفه سيهدد استقرار المجتمعات وأمنها, مما يقوض مؤسسات الدول وقيمها والقيم الأخلاقية والعدالة, ويعرض التنمية في هذه الدول للخطر, إلى جانب الصلة القائمة بين الفساد وسائر أشكال الجريمة, وخصوصا الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية بما فيها غسل الأموال والمخدرات والدعارة والجرائم الأخرى.هناك أيضا اتفاقيات على مستوى القارات لمحاربة الفساد مثل اتفاقية الاتحاد الأوروبي لمكافحة الفساد الذي أبرمه زعماء مجموعة سادك في عام 2001م وصدقت عليه (8) من دول المجموعه الأربع عشرة.
نحن والعالم نعلم أن الفساد بأنواعه وأشكاله المختلفة لايمثل مجرد ظاهرة غير مرغوبة فقط, ولكنه سلوك شاذ وخطير يؤدي لانهيار المجتمعات والدول, ويمثل الفساد الإداري المدخل الرئيسي لكل أنواع الفساد الأخرى, في المال والاقتصاد والتعليم والسياسة والثقافة والإعلام, وباختصار في كل الأنشطة الحياتية الأخرى. ولابد أن نعترف ونقر أنه لا يمكن محاربة الفساد بنجاح في أي دولة من دول العالم أو في أي مجتمع من مجتمعات العالم بما فيه مجتمعنا السعودي, إذا لم تتوحد إرادة كل مواطن (كل رجل وكل امرأة وكل طفل وشيخ)-مسئول حكومي أو رجل الشارع, الجميع في قطاعات المجتمع المختلفة (الخاصة والعامة), بالإضافة إلى الأفراد, والتوجه نحو إجراءات وقائية وعلاجية تشمل طرفي الفساد بالإضافة إلى البنية المحيطه بها.. ونتذكر أن اليد الواحدة لا تصفق..
وأن يد الله مع الجماعه.
والآن لنتحدث عن الإجراءات التي اتخذتها دول العالم لمكافحة الفساد وهي كالتالي:
العمل على التأكيد على القيم الأخلاقية لأفراد المجتمع.. لأن الفساد اعتاد أن يشوه نزاهة المجتمع.
العمل على تطوير العمليات المختلفة التى تؤثر في حركة السوق والمجتمع.. لأن الفساد يشوه عمليات السوق, ويسلب الناس من المنافع التي يجب أن تصل إليهم.
العمل على زرع الوازع الديني في جميع أفراد المجتمع.. لأن الفساد لا دين له ولا يؤمن بما جاءت به الأديان السماوية التي تدعو للنزاهة.
المسئوولية المشتركة والعامة لمحاربة الفساد وإدراك أن مخاطر الفساد تتعدى حدود الحالات الفردية, ولذا فهي حركة عالمية (مافيا دولية) تتجاوز النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية داخل كل دولة.
على كل مؤسسة أو وزارة أو إدارة أو شركة أن تضع لافتة كبيرة في مداخلها تقول: «منطقه خالية من الفساد», أو لافتة أخرى تقول: «لاتعرض علينا أي رشوة لأننا لا نقبل الرشاوي لأننا (نزهاء) والرشاوي تسبب لك مشكلة قانونية».
ازرع بذور النزاهة في الهيكل الإداري في جهتك.
آمل أن تستفيد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في بلادنا من تجارب دول العالم التي لازالت تكافح الفساد, وهذا لا يقلل من الجهود التي تبذلها الهيئة بقيادة معالي الأستاذ محمد عبدالله الشريف.
الرياض
farlimit@farlimit.comالرياض