أخبار وتغطية معرض وفعاليات الآثار المستعادة تملأ الصحف والتلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام، وقد حضرت شخصيا الافتتاح النسائي للمعرض وجزءاً من الندوة العالمية وفيها استمعت لكل من د. علي الغبان نائب الرئيس لقطاع الآثار حول حملة استعادة الآثار التي بُني المعرض عليها وتجربة استعادة الآثار من الخارج، وإلى د. زياد الدريس عن دور مندوبية المملكة الدائمة باليونسكو في استعادتها إضافة إلى السيد كارل هينز من الإنتربول الدولي الذي تحدث عن حماية الآثار وإعادتها لبلدانها الأصلية، وغيرها من الأوراق ذات المعلومات الغنية في هذا السياق.
وقد استفدت من حضوري في معرفة أهمية تسجيل وتصوير القطع ووصفها بدقة حتى يمكن إيجادها في حال السرقة، إضافة إلى غنى محتوى قاعدة المعلومات لدى الإنتربول وآلية التسجيل للبحث، وأهمية وجود نظام حفظ ومراقبة عال في المتاحف ومواقع تخزين الآثار وحفظها وعرضها، كما علمت للمرة الأولى أن لدينا في السعودية إنتربولاً مرتبطاً بالإنتربول العالمي بهدف استعادة الآثار، وهناك 32 قطعة آثرية سعودية مسروقة مسجلة حالياً وجاري البحث أو العمل على استعادتها.
ومن المواضيع التي طرحت مخططات الهيئة العامة للسياحة والآثار ومنها تنظيم الاتجار بقطع الآثار والتراث والذي طرح ورقة حولها د. سعد الراشد مستشار الهيئة، تتوقع من خلالها الهيئة أن يكون هناك مرونة في الاتجار بالقطع الأثرية في المستقبل القريب.
وأنا أستمع لتلك الأوراق كنت أسرح بين الحين والآخر، متخيلة الوضع بعد قرن، يحضر أحفادنا (أو أحفادهم) حينها محاضرة أو ندوة مشابهة عن استعادة الأعمال الفنية السعودية التي أنتجت في القرن الـ20 وبداية الـ21 أي في وقتنا هذا! ويكون هناك معرض استعادي في (أحد) متاحف الفنون المعاصرة المنتشرة في مدينة الرياض، يصاحب الفعالية مزاد لأحد أهم أعمال فناني القرنين الماضيين، تنظمه أشهر دور المزادات السعودية. ويصاحب الفعالية محاضرات في أقسام تاريخ الفن في كليات الفنون المنتشرة في المملكة، بحضور طلاب وطالبات الفنون وأعضاء هيئة التدريس والباحثين، وقيمي المتاحف ووكلاء الأعمال الفنية وبائعيها بل والمستثمرين.
ثم عدت بعدها إلى الواقع... وأتساءل الآن؛ هل من الممكن الاستفادة من تجربة السياحة في تنظيم تجارة الفنون في الوقت الحالي؟ وهل فعلا يمكن أن نرى اهتماماً بالفنون بعد هذا الإهمال كما رأيناه في الآثار اليوم، بعد سنوات عديدة من تحطيم تلك الآثار وإهمالها بحجج مختلفة؟ وهل أُنقذت بعض من تلك الآثار في وقت (جهلنا) بسبب اهتمام الأجانب الرحالة وبعض المواطنين ووعيهم المبكر بأهميتها؟ وأن ما يسميه البعض (سرقة) إنما كان حفاظا لتلك الآثار من التدمير أو الإهمال؟ وآخر سؤال لي هنا؛ هل تتوقعون أننا سنحتاج لحملة ضخمة للتوعية بأهمية الفنون وإعادة ما سُرق منها بعد حوالي 100 سنة
msenan@yahoo.com