ودعتني وأقفلت الباب خلفها.. لتتركني أستمتع بوقتي على حد تعبيرها، ولكنها تركتني أستعر بمقتي لكل ما نثرته من هراء على طاولتي البيضاء..
هيفاء تقدر جيداً أنني جّراح ماهر.. لذا فهي تجرحني عند كل مرة.. وتبتسم عند الخروج, لتتركني أرمم قلبي بمدية الشعر.. ولكنها لا تقدر المسافة الفارقة بين الطبيب الجرّاح (أنا) و(أنا) الإنسان المجروح، بل.. لا تشعر أن هناك إلا أنا، وأن (أنا) شيء واحد.. بالرغم من أني ألصقت خلف مكتبي مقولة بطول الحائط.. لأحد الفلاسفة:
- «التعميم.. دليل على عدم قدرتنا إدراك التفاصيل»، لكنها عند أول مرة قرأتها..
قالت :
- لماذا لم تضع خلفية لهذه المقولة الرائعة؟
- وماذا تقترحين؟
- منظر ربيعي.. زهور وورود واخضرار.
- وما علاقته بالمقولة؟
- لا أدري.. ولكن منظر الربيع جميل.
- وهل تدرين ما معنى المقولة؟
- هل تريد أن تقول إنني لا أفهم ما أقرأ؟
- لا.. ولكنك لم تفهمي المقولة؟
- يعني أنني لا أفهم؟ غبية أو مجنونة.. أو أي شيء، أنت تراني هكذا دائماً، أنت لا تقدرني دائماً، أنت ذا تعاملٍ وقح وبجح مع كل أحد، لا أذكر أنك جاملتني ولا يوماً واحداً.. ما هذا الأسلوب المتعجرف في تعاملك «دائماً»!؟..
قالت كل هذا بغضب شديد، وخرجت، وأقفلت الباب بقوة، فندمتُ على صدقي اللطيف، وصراحتي المتفانية!!